عنوان الفتوى : الأخ الشقيق يقدم على الأخ لأب في ولاية النكاح وحكم تقليل المرأة صداقها خلاف رغبة وليها
أنا طالبة جامعية، عمري 18 عاما، وأقيم في أوروبا. لدي أخت متزوجة، وحصل أن عائلة زوجها تريد خطبتي لابنهم الآخر. أبي متوفى، ولدي أخ من أبي وأمي، وأخ من أبي فقط. لدي عدة أسئلة: من هو ولي أمري؟ هل هو أخي من الأب والأم، أم هو أخي من أبي فقط، مع العلم أن أخي من أبي فقط أكبر سناً، ومتزوج؟ وأيضاً هل تجدون مانعاً من الزواج من أخي زوج أختي؟ أمي محبة لهذا الأمر؛ لأننا أصبحنا نعرف العائلة، وترى أن أختي - ولله الحمد - سعيدة عندهم، وهم معروفون بأنهم أصحاب خلق، ودين. ولكني مترددة؛ لأني أخشى حصول المشاكل؛ مما قد يؤدي إلى مشاكل بين العائلتين (نسأل الله العافية). وسؤالي الآخر من باب الفضول: هل تستطيع المرأة تحديد مهرها، أي هل تستطيع تيسير المهر، وإن كان الخاطب في حالة مادية عادية، مع اختلاف رأي الولي؟ لم أكن أفكر في الزواج بتاتاً؛ لأن أمي كانت ترفض كل شخص يسأل عني؛ لذلك لم أكن أفكر فيه أبدا. ولأسباب كثيرة أصبحت طبيعتي غير اجتماعية، فأخشى إن تمت الموافقة، ألا أستطيع التعامل مع الرجل. فبماذا تنصحوني؟ كنت أتمنى أن أنتهي من الجامعة، وأحفظ القرآن الكريم؛ لكي أستطيع طلب أن يكون الخاطب حافظاً لكتاب الله. هل هذا من حقي أم تروني أني أعسر الأمر بلا داعٍ؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالأخ الشقيق، مقدم على الأخ لأب في ولاية النكاح، ونرجو مطالعة الفتوى رقم: 129293، ففيها بيان ترتيب الأولياء في النكاح. وكون الأخ لأب أكبر سنا، لا يجعله مثل الشقيق، ولا مقدما عليه، إلا أن يقوم بالشقيق مانع شرعي، كأن يكون دون سن التكليف مثلا.
وليس هنالك ما يمنع شرعا من نكاح أخي زوج الأخت، إذا كان دينا خلوقا؛ للحديث الذي رواه الترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أتاكم من ترضون خلقه، ودينه؛ فزوجوه. إلا تفعلوا، تكن فتنة في الأرض، وفساد عريض.
فينبغي التحري فيه، وسؤال الثقات عنه، ثم استخارة الله عز وجل في أمره، ولمزيد الفائدة راجعي الفتويين: 19333، 123457.
وإذا وجدت المرأة كفئا، وحافظا لكتاب الله تعالى، كان أولى، ولكن الأحرى بها أن لا تجعل أمر نكاحها متوقفا على هذا، فقد يعسر إيجاد مثله، فيتأخر النكاح، وتتضرر الفتاة بذلك.
أما المهر فهو حق خالص للزوجة، قال تعالى: وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا {النساء:4}.
فلها إن كانت رشيدة أن تخفف فيه عن زوجها، فترتضي منه القليل، وتؤجر على ذلك. وبقلة المهر قد يبارك الله في النكاح، فيجد الزوجان حسن عاقبة ذلك في الدنيا والآخرة، روى أحمد في مسنده عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يمن المرأة تيسير خطبتها، وتيسير صداقها.
وبخصوص الانطواء، والشعور النفسي، والخشية من عدم إمكانية التعامل مع الزوج: فيمكن تجاوزه بالاستعانة بالله عز وجل أولا، فالقلوب بين يديه، ثم بتكلف معايشة الزوج بأمر طبيعي، ليصبح الأمر بعدها عادة، فهذا مما يمكن اكتسابه. روى مسلم عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله، ومن يتصبر يصبره الله.
وأورد ابن الجوزي في ذم الهوى عن عبد الله بن الْمُبَارَكِ قال: إنَّ الصَّالِحِينَ كَانَتْ أَنْفُسُهُمْ تُوَاتِيهِمْ عَلَى الْخَيْرِ عَفْوًا, وَإِنَّ أَنْفُسَنَا لا تَكَادُ تُوَاتِينَا إلا عَلَى كُرْهٍ, فَيَنْبَغِي لَنَا أَنْ نُكْرِهَهَا. اهـ.
وروى الخطيب في تاريخه، عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- قال: العلم بالتعلم، والحلم بالتحلم، ومن يتحر الخير يعطه، ومن يتوق الشر يوقه. اهـ.
والله أعلم.