عنوان الفتوى : هل من حق والد الفتاة أو غيره أن يمنعها من الخروج للدراسة
هل يمكن للأخ، أو أي أحد غير الوالد أن يمنع الفتاة من الدراسة؟ قالت لنا المعلمة إن من يموت في طريق العلم، يسهل الله طريقه إلى الجنة، وأن طالب العلم تسبح له الحيتان في المحيطات، وأنا شخصياً أبتعد عن غير المتعلمة لاشمئزازي، وقد قال سعادتكم إن الواجب على المرأة أن تقر في بيتها !! يا إخوان بارك الله في عملكم: هذه الآية لزوجات الرسول صلى الله عليه وسلم. هل تمنعون الأنثى من كل فضائل العلم، حتى إن الله يرفع العالم درجات، والنساء طلبن من الرسول صلى الله عليه وسلم يوما لهن، لم يتركن الرجال فقط يذهبون بالخير. والعلم فيه تأمل، والتأمل عبادة، وإبراهيم عليه السلام خليل الله تعالى كان متأملا. ماذا تريدوننا أن نتأمل في المنزل! بل هنا سينحرف التفكير إلى الرذيلة. إن أخطأت فمن نفسي، والشيطان، ولكني مشوشة بين كلامكم، وديني الذي أعتز به. أرجوكم أخبروني متى يجب أن يكون هناك ولي للفتاة غير الوالد، والزوج. لا أريد أن أحس نفسي بحاجة إلى أحد.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا ندري أين وجدت قولنا إنه يجب على المرأة القرار في بيتها، فنحن نقرر في فتاوانا أن قرارها في بيتها هو الأفضل، ولا يصح القول بأن آية القرار في البيت خاصة بزوجات الرسول صلى الله عليه وسلم، فالخطاب كان لهن في الآية لكونهن محل القدوة، والنساء تبع لهن في ذلك، كما ذكر ابن كثير في تفسيره، وذكرنا نقله بهذا الخصوص في الفتوى رقم: 252154.
وقد بينا في فتاوى لنا سابقة أنه يجوز لها الخروج لحاجتها للتعليم، أو العمل، بشرط أن تراعي الضوابط الشرعية كالستر، والحشمة، والأدب. وراجعي الفتوى رقم: 244579، والفتوى رقم: 8528.
وليس للوالد - فضلا عن الأخ - أن يمنع المرأة من الخروج لطلب العلم، أو لأي أمر فيه مصلحة لها، إن لم يوجد ما يقتضي منعها من فساد ونحوه. فقد سئل الشيخ ابن باز -رحمه الله تعالى- عن حكم خروج الفتاة بدون علم والدها للدعوة إلى الله، أو لزيارة المرضى، وفعل الخيرات، هذا مع أن الوالد لا يمنعها من ذلك، وهل إذا افترضنا أنه يمنعها هل تخرج للدعوة أم لا؟
فأجاب: نعم لها الخروج للدعوة، وزيارة الأقارب، وعيادة المريض بالتحفظ والعفة، والتستر، والحجاب، لا بأس، وإن لم تستأذن والدها إلا إذا كان في خروجها خطر، فلا بد من إذن والدها، وأخذ رأيه في الكيفية التي تخرج بها حتى لا تقع في الخطر؛ لأن والدها مسؤولٌ عنها، وهكذا إخوتها، فإذا كان خروجها لا يترتب عليه شر في خروجها لعيادة المريض، أو سماع المواعظ، أو سماع خطبة الجمعة، إذا كان خروجها مضبوطاً، متسترة وليس هناك ما يوجب التهمة، فلا بأس، أما إذا كانت تخشى أن تتهم، فينبغي لها أن تحذر، وأن لا تخرج إلا بإذن، ويكون معها من يصحبها من أخواتها، من زوجة أبيها، من غيرها من النساء الثقات حتى لا تتهم بالسوء. اهـ.
وللزوج أن يمنعها الخروج للدراسة إن لم تكن قد اشترطت عليه عند العقد.
قال الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع: وقوله: «إلى المسجد» يدلُّ على أنَّها لو استأذنت لغير ذلك، فله منعُها، فلو استأذنت أن تخرجَ إلى المدرسةِ فلزوجها أنْ يمنعَها، إلا أن يكون مشروطاً عليه عند العقدِ، وكذلك لو أرادت أن تخرجَ إلى السُّوقِ فله أنْ يمنعَها. اهـ.
وإذا كان هذا العلم متعينا عليها تعلمه، ولم يوفر لها وسيلة تمكنها من تحصيله، لم يكن له منعها. وراجعي الفتوى رقم: 60766 .
والله أعلم.