عنوان الفتوى : شروط زواج المسلم من الكتابية، ومن يتولى العقد عليها
سيدي الكريم نفعنا الله بك ونفعك بنا بما يرتضيه لك ولنا. أما بعد: فإنه قد اضطرتني ظروف الحياة القاسية في بلاد المغترب أن أسكن في شقة مع امرأة حاولت معها قدر المستطاع بدون أن أضغط عليها أن تقرأ عن الإسلام عسى أن يهديها الله، ولا زلت أسعى لذلك وأسأل الله لها الهداية ولنا. هي مسيحية ووالدها مسلم لكنه مسلم فقط بالاتباع وبالهوية أي أنه لا يعرف أي شيء عن الإسلام تقريبا، لم يتوجه إلى قبلة المسلمين ولو مرة واحدة. هذه المرأة لديها مشكلة بالإنجاب أسأل الله الشفاء، لكنها عطوف جدا وقد أظهرت من الرعاية والحنان والعطف كما لو أنها من ذوي أنا وليس كشخص غريب، وقد وافقت بعد أخذ ورد أن تتزوجني زواجا إسلاميا. سؤالي يا سيدي هو: طالما أنها تؤمن خلاف ما أنزل الله مثلا بأن المسيح لم يصلب، فهل هي كافرة؟ وبالتالي هل يصح الزواج بها؟ علما أنها لا تؤمن بالثالوث بل تؤمن أنه لا إله إلا الله وبأن المسيح رسول وليس كما يزعم غيرها من النصارى. وهل يشترط قبول والدها بصفته وليها؟ علما أنها أخبرتني أنه لو علم بذلك فسوف لن يوافق بسبب وضعك المادي وحسب بل سوف يثقل علي ويرهقني ويرهقك، يعني سوف يرفض لأسباب غير شرعية وغير منطقية، فهل يجوز أن تتخذ إمام المسجد بمدينتنا كولي أمر؟ ثالثا يا سيدي أنا أخاف أن أذهب لمسجد مدينتنا لأسباب أمنية، أنتم على علم وعلى دراية بما يحدث من مشاكل جمة وتهديدات يصدرها هذا وذاك وينعكس كل ذلك سلبا على وضع العرب والمسلمين في المغترب، أخشى أن أدخل المسجد فأصبح تحت مراقبة جهاز الاستخبارات ويضيق علي، فهل يصح لي أن أتخذ من يعقد النكاح من عامة المسلمين؟ على أن يتوافر به شروط عاقد النكاح؟ وما هي شروط عاقد النكاح؟ أفيدوني أفادكم الله فأنا أشعر بضيق أريد أن أعيش بما أحله الله وعلى هديه وهدي نبيه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا تعتبر هذه المرأة مسلمة بمجرد كونها تعتقد الحق في عيسى عليه السلام من أنه لم يصلب، وأنها لا تؤمن بالثالوث والذي حقيقته الشرك بالله تعالى، فكما أنها يجب عليها اعتقاد التوحيد في الله تعالى يجب عليها أن تعتقد نبوة رسولنا صلى الله عليه وسلم، وهذا هو مقتضى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وقد روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «والذي نفس محمد بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي، ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به، إلا كان من أصحاب النار».
وزواج المسلم من الكتابية جائز بشرط كونها عفيفة؛ كما قال تعالى: الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ {المائدة:5}، ولا يزوجها أبوها المسلم، فلا ولاية له عليها، بل يتولى تزويجها وليها من أهل دينها ـ إن وجد ـ وإلا زوجَّها أساقفتهم أو القاضي على خلاف بين الفقهاء في ذلك؛ كما هو مبين في الفتوى رقم: 44490، ولا يجوز أن يتولى إمام المسجد تزويجها إلا إذا كان هو يقوم مقام القاضي الشرعي، ولا يشترط لعقد الزواج مكان معين المسجد أم غيره، فلا بأس بعقد الزواج في البيت.
ولا ندري هذا العاقد الذي تعنيه بقولك: (على أن يتوافر به شروط عاقد النكاح)، فإن كنت تقصد المأذون فلا يشترط في الزواج وجود ملقن كالمأذون مثلا، وشروط الزواج مبينة في الفتوى رقم: 1766، وشروط الولي بيناها في الفتوى رقم: 12779.
والله أعلم.