عنوان الفتوى : الموقف الشرعي من دخول البلاد الموبوءة بالسارس
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته جزاكم الله خيراً على موقعكم المفيد أنا أعمل في الولايات المتحدة الآمريكية وبحثت جاهداً عن عمل في بلد آخر، وقد وفقني الله للحصول على عمل في سنغافورة وذلك قبل انتشار مرض الالتهاب الوبائي (سارس) وإعلان ذلك البلد ضمن البلاد الموبوءة، والمفترض الآن أن أجهز نفسي للانتقال إلى سنغافورة في شهر تموز (يوليو) من هذا العام، فهل جائز شرعا الانتقال إلى البلد الموبوء بهدف العمل؟ ملاحظة: فرصة العمل في سنغافورة هي الفرصة الوحيدة المتاحة حاليا و المضمونة بإذن الله؟ وجزاكم الله خيراً. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقد روى البخاري ومسلم عن عبد الرحمن بن عوف قصة قدوم عمر إلى الشام وعلمه بالطاعون قبل الدخول في قصة طويلة، وفيها: أن عبد الرحمن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم فيها فلا تخرجوا فراراً منه. قال ابن حجر الهيتمي في فتاويه: اختلف العلماء في الخروج من البلد الذي وقع به الطاعون والقدوم عليه. وظاهر كلام ابن عبد البر والقاضي عياض أن النهي للتحريم، ثم زاد القاضي أن أكثر العلماء على ذلك..... وعلى ذلك جرى ابن خزيمة من أصحابنا... ومن ثم قال التاج السبكي وتبعه المحققون: مذهبنا -وهو الذي عليه الأكثر- أن النهي من الفرار للتحريم، وكلام النووي في شرح مسلم صريح في تحريم القدوم كالفرار حتى قال: فيه منع القدوم على بلد الطاعون والخروج منه فراراً من ذلك، أما الخروج لعارض فلا بأس، هذا هو مذهبنا ومذهب الجمهور. قال القاضي عياض: وهو قول الأكثرين.... ومنهم من جوَّز القدوم عليه والخروج منه فرارا، وهو المشهور من مذهب مالك ثم قال: والصحيح ما قدمناه من النهي عن القدوم والفرار. انتهى. وذكر الحافظ في الفتح: أن من العلماء من أجاز ذلك لمن قويت عزيمته وعُلِم توكله وصبره على ذلك. لكن هل ما سبق ذكره عن الطاعون يشمل كل الأوبئة والأمراض أم هو خاص بالطاعون فحسب؟: قال ابن حجر الهيتمي في فتاويه: وخَرَج بالفرار من محل الطاعون الفرار من أرض الوباء فإنه جائز بالإجماع، كما قاله الجلال السيوطي وعبارته: الوباء غير الطاعون، والطاعون أخص من الوباء، وقد اختص الطاعون بكونه شهادة ورحمة وبتحريم الفرار منه، والفرار من الوباء بغيره كالحُمى وسائر أسباب الهلاك جائز بالإجماع. قال ابن حجر: وما أشار إليه من الفرق بين الوباء والطاعون هو ما عليه الأكثرون خلافاً لبعض المالكية. انتهى. وقال في موضع آخر: ..... فيحرم الخروج منه فراراً والدخول إليه لغير حاجة، هو ظاهر هنا لأنه إذا جاز الخروج لحاجة جاز الدخول قياساً؛ إذ لا يظهر بينهما فرق. انتهى. فالخلاصة أن الراجح من أقوال العلماء أن الأوبئة غير الطاعون فلا تأخذ نفس الحكم، إلا أننا ننصحك بعدم الذهاب والبحث عن عمل في بلد آخر لكي لا تقول بعد ذلك: لو!!!. والله أعلم.