عنوان الفتوى : طلب الطلاق من الزوج العصبي المدخِّن الذي لا يهتم بأهله
أنا أمٌّ لطفلتين، وحامل بالطفل الثالث، متزوجة منذ ست سنوات، وزوجي منذ بداية الزواج عديم المسؤولية مع أطفاله ومعي أيضًا، ولا يوجد لديه أي اهتمام بأي مجال -لا ديني، ولا ثقافي، ولا رياضي-، وعلاقتي معه دون حوار، أو نقاش في أي موضوع إلا اللازم جدًّا، وتواصله مع الآخرين قليل جدًّا، وينام يوميًّا قبل العشاء، ويزيد نومه عن عشر ساعات، وهو مدخّن، ودائم العصبية، والاكتئاب من أشياء لا تستدعي هذه التصرفات، وعندما عمل فحوصات ظهر لديه التهاب كبد خامل، والأطباء قالوا: إنه لا علاقة له بالنوم الكثير، وعصبيته أثّرت كثيرًا عليّ وعلى أطفاله، ومع كل ذلك توجد محبة منه لي ولأطفالي، ولكنه لا يستطيع أن يسيطر على نفسه، ولا أعلم ما هو السبب، وعرضت عليه كثيرًا أن يذهب إلى طبيبٍ نفسي، لكنه رفض بشدة، والآن أفكّر في الطلاق، والجميع يقف ضدي -حتى أهلي- ويقولون: اصبري من أجل أطفالك، والموضوع لا يستحق التفكير في الطلاق، فما حكم الطلاق من هذا الشخص؟ وجزاكم الله خيرًا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرت عن زوجك جملة من الأمور السيئة، ومن ذلك: عدم اهتمامه بأهله، ولا شك في أنهم أمانة عنده، يجب عليه تعليمهم، وتأديبهم، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ {التحريم:6}، قال السلف: علّموهم، وأدّبوهم. وروى البخاري، ومسلم عن أبي جحيفة ـ رضي الله عنه ـ حديثًا، وفيه: إن لربّك عليك حقًّا، ولنفسك عليك حقًّا، ولأهلك عليك حقًّا، فأعط كل ذي حق حقه.
ونومه قبل العشاء مخالف للسنة، وإذا كان يترتب عليه تفريطه في صلاة العشاء حتى يخرج وقتها، فهو مفرّط في ذلك، والنوم عذر، ولكنه في حق من اتخذ الاحتياط للاستيقاظ، فلم يتيسر له ذلك.
وأما من كان غالب حاله اعتياد النوم بهذه الطريقة كان دليلًا على عدم المبالاة، وهو نوعٌ من التفريط، وانظري الفتوى رقم: 96356.
ومن قبيح فعاله التدخين، فهو من المفسدات لدِين المسلم ودنياه؛ ولذا فهو محرم، وسبق أن بينا ذلك في الفتويين رقم: 1819، ورقم: 1671.
ومن كان حاله كذلك لا يستغرب منه أن يكون عصبيًّا مكتئبًا، لا يحسن عشرة زوجته، وهو مأمور شرعًا أن يحسن عشرتها، كما في قوله تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا {النساء:19}.
وإذا تضررت الزوجة من زوجها، فلها الحق في طلب الطلاق، ولكن لا ينبغي لها أن تعجل إلى ذلك، بل الأولى أن تصبر، وتستعين بالله تعالى أولًا، ثم بأهل العلم، والعقل، والفضل من الناس -عسى الله أن يصلحه- وفي ذلك مصلحة لها، ولأسرتها.
وأما الطلاق: فلا يلجأ إليه إلا إذا ترجحت مصلحته؛ لأن عواقبه وخيمة في الغالب، وخاصة مع وجود الأولاد؛ ولذا ذهب بعض أهل العلم إلى أن الأصل فيه الحظر، وسبق أن بينا ذلك في الفتوى رقم: 313699.
وإذا ضاق الحال، واستحالت العشرة، وظهر رجحان مصلحته، فلا بأس بالمصير إليه، ونرجو مطالعة الفتوى رقم: 306250.
والله أعلم.