عنوان الفتوى : من طلق زوجته بعد الخلوة وقبل الجماع هل يستحق شيئًا من المهر؟
أنا شاب من عائلة محافظة، ومتدينة، ولا أبحث عن الإثارة، والمشاكل، من قرابة سنة ونصف قررت الزواج، وكان من المهم عندي عدم القيام بالزواج بالطريقة الخاطئة (علاقات، ولقاءات و..). ورأيت فتاة أعجبتني، وسألت عنها، ومعظم الأشخاص الذين سألتهم نصحوني بترك الموضوع بسبب إخوتها، ووالدها، وضعفهم الديني، والأخلاقي، لكن لم يقل أي شخص شيئًا سيئًا عن الفتاة، بل نصحوني بها لانتشالها من بيئتها السيئة، ووافقت الفتاة بكامل إرادتها، وحصلت على موافقة من أهلها، وعقدت القِران والأمور كانت بشكل طبيعي، بالرغم من وجود بعض الشكوك التي تراودني، لكني اعتقدت أنها وساوس شيطان، بعد سنة وأكثر من القِران جهزت نفسي للفرح، وعندما دخلت بها تغيرت الفتاة ورفضتني، واعتقدت أنها مجرد رهبة فقط فصبرت عليها لمدة يوم وأنا أحاول تهدئتها، لكن لا حياة لمن تنادي، جاء أهلها وطلبوا إرجاعها لبيتهم لمدة ساعة، أو ساعتين حتى تعود الفتاة لصوابها، لكنها ذهبت هناك، ورفضت العودة، ورفض أهلها إرجاعها، البعض قال لي: إنها قد سحرت، وجلبت الشيوخ، ولكن لم تحدث نتيجة إلى أن حدثت الطامة، الفتاة وأهلها صارحوني بأن الفتاة تريد شخصًا آخر، وهو الذي أقنعها بالقيام بهذه التمثيلية لكي تُطلق، بالفعل الفتاة طلبت الطلاق، المصيبة أن الشخص الذي تريده، والذي أقنعها بهذا العمل موجود مع أهلها، وهو الذي يسير أمورهم، ويأخذون منه المشورة في هذا الموضوع، والكارثة التي وصلتني أن الفتاة ليست بكرًا، وأنها قامت وأهلها بهذه التمثيلية لكي تكون أمام المجتمع مطلقة أفضل من زانية، فهم يخافون المجتمع وليس الخالق -حسبي الله ونعم الوكيل- أنا احتسبت أمري لله -والحمد لله على كل حال- وحاليًا أنهيت إجراءات الطلاق، وأريد رأي الشرع في الذي حصل لي، ولو تنصحوني ببعض النصائح لأن تعبت نفسيًا، علمًا أن أهلها رفضوا إرجاع كامل مستحقاتي، رغم أني المتضرر الوحيد في كل هذا الموضوع، حسبي الله ونعم الوكيل، وظروفي المادية عادية، وتعبت كثيرًا حتى أتحمل مصاريف الزواج، فما رأي الشرع؟ وما المطلوب مني فعله تجاههم، وتجاه الفتاة، وعشيقها؟ وهل أعتبر ديوثًا لأني طلقت الفتاة فقط، دون عمل شيء ضدها، وضد عشيقها؟ هل أنا الآن أدخل خانة الديوث حتى بعد الطلاق؟ أرجوكم فأنا بحاجه لنصائح شاملة حول هذا الموضوع.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد كان بوسعك -والحال كما ذكرت- أن تمتنع من طلاق تلك المرأة حتى تسقط لك مهرها، أو بعضه، لكن ما دمت طلقتها من غير شرط، فقد تقرر مهرها بالخلوة الصحيحة عند الحنفية، والحنابلة، قال الكاساني: فَالْمَهْرُ يَتَأَكَّدُ بِأَحَدِ مَعَانٍ ثَلاثَةٍ: الدُّخُولُ، وَالْخَلْوَةُ الصَّحِيحَةُ، وَمَوْتُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ. بدائع الصنائع.
وقال الخرقي: وإذا خلا بها بعد العقد، فقال: لم أطأها، وصدقته لم يلتفت إلى قولهما، وكان حكمها حكم الدخول.
ولا يلزمك فعل شيء ضد المرأة، أو الشخص الذي له علاقة بها.
ولست في شيء من الدياثة ـ والعياذ بالله ـ فإنّك لم تقرّ زوجتك على الحرام، لكن الواجب عليك ألا تتهم المرأة، أو الرجل بالفاحشة دون بينة ظاهرة.
وإذا ظهرت لك بينة فالأصل أن تستر، ولا تفضح، قال ابن عبد البر -رحمه الله-: ...فيه أيضًا ما يدل على أن الستر واجب على المسلم في خاصة نفسه إذا أتى فاحشة، وواجب ذلك عليه أيضًا في غيره، ما لم يكن سلطانًا يقيم الحدود. التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (5/ 337)
والذي ننصحك به أن تطوي تلك الصفحة الماضية، وتبحث عن امرأة ذات دين، وخلق تتزوجها، فلعلّ الله يعوضك خيرًا، ويخلف عليك، قال تعالى: وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ {النساء:130}، قال القرطبي: أي وإن لم يصطلحا بل تفرقا فليحسنا ظنهما بالله، فقد يقيّض للرجل امرأة تقر بها عينه، وللمرأة من يوسع عليها. الجامع لأحكام القرآن - (5 / 408).
والله أعلم.