عنوان الفتوى : واجبات المسلم وقت النوازل والأحداث
تتقلب أحوال البلاد، والعباد في مختلف الأماكن، كما ترون. هل يجب اتخاذ موقف من الأحداث السياسية؟ ماذا عن القوانين الجديدة، والأحكام الجائرة، والقتل، والطوائف، والأحزاب؟ ما الموقف وهل يسعى المرء لاتخاذ موقف أم لا؟ وجزاكم الله خيرا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فموقف المسلم عموما من النوازل وغيرها من الملمات، كموقفه مما سبق وقوعه، والعلم به، وهو أن: يسعى لمعرفة حكم الشرع، ثم يلتزمه، ويعمل بمقتضاه.
وهذا هو الواجب في ما سأل عنه السائل، فإذا اتضح للسائل حكم الشرع التزمه وعمل به، وإذا لم يتضح لغموضه وتشابكه، أو لتعارض أدلته، أو لحصول الخلاف في توصيفه، أو نحو ذلك من الأسباب، فالواجب أن يسأل أهل العلم المؤهلين للاجتهاد في هذا الشأن، كما قال عز وجل: وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا [النساء/83].
قال السعدي: في هذا دليل لقاعدة أدبية، وهي أنه إذا حصل بحث في أمر من الأمور، ينبغي أن يولَّى مَنْ هو أهل لذلك، ويجعل إلى أهله، ولا يتقدم بين أيديهم، فإنه أقرب إلى الصواب، وأحرى للسلامة من الخطأ. تفسير السعدي.
وراجع في تفصيل ذلك الفتوى رقم: 295465.
فإن لم يتيسر له أحد من هؤلاء، أو اختلفوا عليه، ولم يكن عنده شيء من أسباب الترجيح بينهم، فليتوقف في الأمر، ويلزم السكوت حتى يتبين له الحق.
قال ابن عبد البر في (جامع بيان العلم وفضله): الواجب عند اختلاف العلماء، طلب الدليل من الكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس على الأصول على الصواب منها، وذلك لا يعدم، فإن استوت الأدلة، وجب الميل مع الأشبه بما ذكرنا بالكتاب والسنة، فإذا لم يبن ذلك، وجب التوقف ولم يجز القطع إلا بيقين. اهـ.
والله أعلم.