عنوان الفتوى : حكم مبيت زوج الخالة مع زوجته في بيت أختها وبنت أختها
والدتي مطلقة، وأنا وهي نعيش وحدنا في المنزل، وخالتي تأتي من السفر كل فترة مع زوجها، وتبيت عندنا لأكثر من يوم، مع العلم أنه لا يدري ما يفعل في بعض الأحيان، وهذا أدى إلى انتهاك الخصوصيات، والحرمات، ورؤينا من غير حجاب، وفتح باب الحمام من غير إذن، أود أن أعرف حكم الدين في مبيت رجل غريب مع وجود زوجته، في منزل كل من به سيدات؟ وأمي تخفي رفض استقبالهم خوفًا على علاقتها بأختها فما الحكم؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فزوج الخالة أجنبي عنك، وعن أمك، فلا يجوز له أن يخلو بإحداكن، أو يراها في ثياب المهنة التي تكشف شيئًا من بدنها، بل الواجب التستر عنه، كما بينا في الفتوى رقم: 34853.
وهل تنتفي الخلوة بوجود امرأة أخرى؟ اختلف الفقهاء في ذلك، والمشهور انتفاؤها، فقد ذكر جمع من الفقهاء أن الخلوة بالأجنبية تنتفي بحضور محرم لها، أو زوج، أو امرأة ثقة؛ لأن الخلوة بها مع وجود هؤلاء يمنع وقوع المحظور، وانظري في ذلك الفتوى رقم: 124694، وتوابعها.
وعلى ذلك؛ فلا بأس أن يبيت زوج خالتك في البيت معكن، بشرط أمن الفتنة، فإن كانت الفتنة غير مأمونة، ويحصل منه التجاوز، فلا يجوز دخوله، ويمكنك قبل أن تطلبي من أمك ألا يقيموا عندكم أن تبينوا لخالتكم الحكم، وأن الواجب أن يستأذن قبل أن يتحرك، أو يفتح بابًا مغلقًا، فإن الاستئذان داخل البيوت واجب على من لا يجوز الاطلاع على عورته، قال الشيخ محمد إسماعيل المقدم ـ حفظه الله ـ في محاضرات فقه الاستئذان: وجوب الاستئذان على الأم، والأخت، والأبناء البالغين، ونحوهم، في ضوء قول النبي عليه الصلاة والسلام: إنما جعل الاستئذان من أجل البصر ـ بين المحققون من العلماء: أن الرجل يلزمه أن يستأذن على أمه، وأخته، وبنيه، وبناته البالغين؛ لأنه إن دخل على من ذكر بغير استئذان، فقد تقع عينه على عورات من ذكر، وذلك لا يحل له، قال الإمام ابن عطية -رحمه الله تعالى-: بيت الإنسان هو البيت الذي لا أحد معه فيه، أو البيت الذي فيه زوجته، وأمته، وما عدا هذا فهو غير بيته ـ وعليه؛ فإن كان يسكن معه فيه إحدى محارمه، كأمه، أو أخته، أو عمته، فلا يكون بيتاً له، ويجب عليه ما أوجبه الله سبحانه وتعالى عليه عند الدخول في بيت غير بيته من الاستئذان على أهله.
وقال الشيخ أبو الحسن المنوفي -رحمه الله تعالى-: الاستئذان واجب وجوب الفرائض، وقد انعقد الإجماع على وجوبه، فمن تركه فهو عاصٍ لله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فإذا كان كذلك، فلا تدخل بيتاً فيه أحد حتى تستأذن ثلاثاً، سواء كان ذلك المتواجد فيه محرماً، أو غيره مما لا يحل لك النظر إلى عورته، يقول الله سبحانه وتعالى: وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُمْ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ {النور:59}، عن ابن عمر -رضي الله عنهما-: أنه كان إذا بلغ بعض ولده الحلم عزله، فلم يدخل عليه إلا بإذن، وهذا النص محتمل للأمرين: أن ابن عمر نفسه لا يدخل على ابنه إلا بإذن، أو أن الولد لا يدخل على أبيه إلا بإذن في كل الأوقات، وقبل أن يبلغ الحلم يستأذن في الأوقات الثلاثة التي سنبينها، قال ابن عباس: فالإذن واجب على الناس كلهم ـ وعن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال: يستأذن الرجل على أبيه، وأمه، وأخيه، وأخته.
جاء في الموسوعة الفقهية: يتفق المحرمون للدخول على المحارم، ونحوهم إلا باستئذان، على أن حرمة الدخول على ذوات المحارم، وعلى الرجال بغير استئذان أيسر من ترك الاستئذان على الأجنبيات؛ لجواز نظره إلى الشعر، والصدر، والساق من ذوات محارمه دون الأجنبيات. انتهى بتصرف.
وأفاد النقل الأخير أن التشديد في الاستئذان على الأجنبيات أشد من القرابة، فعليكما أن تعلما خالتكما أن على زوجها وجوب الاستئذان، فإن استأذن جاز بقاؤه، وإن بقي يفتح الأبواب بلا استئذان، وتقع عينه على العورات، فالواجب ألا تجتمعوا في بيت واحد، حتى تتخلصوا من هذا المنكر.
والله أعلم.