عنوان الفتوى : هل يجوز ترقيع غشاء البكارة؟
أنا فتاة في الـ 40 من عمري، أعيش في حيرة كبيرة لأني أخاف أن يدخلني ربي النار. إني والله تائبة، وأستغفر ربي ليل نهار، وما رجائي إلا أن يقبلني ويجرني من النار. عشت مع رجل متزوج وعدني أن يطلق زوجته ويرتبط بي، طالت المدة ولم يفعل شيئًا لأنها ترفض الطلاق بالتراضي الذي يرى أنه الأصلح لنفسية أبنائه. أصبحت لا أنام جيدًا، ودائمة القلق، والحزن رفيقي، لست راضية عما أفعله، فقررت أن أتوب وأبتعد عنه، ولازمت الذكر والاستغفار، وأخبرته أن أبي وافق على خطبتي لأحد المعارف، وكنت أكذب لأبتعد نهائيًّا، ولكنه مصرّ أن أبقى معه، فقد تعود عليّ. وبعد شهر تقريبًا تعرفت على رجل متدين لم يتزوج لإمكانيته المتواضعة، ويبحث على من تصبر معه، أعجبني أنه يحب الصلاة في المسجد، وخاصة صلاة الفجر؛ لأني والله أحب الصالحين جدًّا، طلب مني الزواج لأنه رأى في القناعة. أنا مستعدة أن أترك عملي وأتزوج منه وأصبر معه لعل في هذا شفاعة لي عند ربي، أنا لا يهمني شيء من الدنيا لا شهادتي ولا عملي سوى أن يرضى عني ربي. شيخي الفاضل، أثق بك كثيرًا فانصحني؛ هل أتزوج المتدين رغم ظروفه فالله هو الرزاق؟ وهل يمكنني أن أجري عملية لأستر نفسي وأنا تائبة والندم يكاد يقتلني؟ أم أسمح للرجل الآخر أن يطلق زوجته إن شاء ويتزوجني؟ أستحلفك بالله أن لا تهمل رسالتي؛ فعلى نصيحتك تتوقف حياتي، وجزاكم الله عني كل خير.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يظهر من سؤالك أنك على علاقة آثمة مع هذا الرجل المتزوج، فإذا كان الأمر كذلك فلا تصح التوبة مع قيام هذه العلاقة بينكما؛ فالتوبة لها شروط سبق بيانها في الفتوى رقم: 5450. فيجب الإقلاع عن الذنب، والندم على ما فات، والعزم على عدم العودة. فبادري إلى ذلك فورًا؛ إذ كيف يكون حالك مع ربك إذا لقيته وأنت مقيمة على هذا الذنب. ولا تلتفتي إلى ما ذكرت من أنه مصر وأنه قد تعود على المقام معك؛ فهذه من الحيل الشيطانية التي قد يزين الشيطان لك وله بها هذا الفعل القبيح.
وإن كان هذا الرجل الثاني صاحب دين فاقبلي به زوجًا؛ ففي الحديث الصحيح: "إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه". رواه الترمذي عن أبي هريرة -رضي الله عنه-.
ونوصيك مع الاستشارة وسؤال الثقات عنه أن تستخيري ربك حتى يوفقك إلى ما فيه الخير، وراجعي لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 19333، والفتوى رقم: 123457.
وترقيع غشاء البكارة الأصل فيه أنه محرم، فلا يجوز المصير إليه إلا لضرورة؛ كأن يغلب على الظن أن تقتل الفتاة بسبب ذلك، وسبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 49021، وقد أوضحنا فيها أن المعتبر الضرر المحقق لا المتوهم.
ولو قدر أن اطلع الزوج على زوال غشاء البكارة فلا حرج في أن تستخدم المرأة التورية، فتنفي أنها زنت تعني بعد التوبة، وتقول له مثلًا: إن البكارة قد تزول بأسباب أخرى مثل الوثبة أو الركوب على حاد أو اندفاع الحيض بشدة. روى البخاري في الأدب المفرد عن عمران بن حصين -رضي الله عنهما- قال: "إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب".
والله أعلم.