عنوان الفتوى : ما هو الفرق بين القرية والمدينة في القرآن؟

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

رأينا خلافا كبيرا في معني القرية والمدينة في القرآن ، حتي إننا وجدنا تعريفاً أنه يطلق اسم القرية إذا كان أهل المكان من أهل البخل ومدينة إذا كانوا من أهل الكرم ؟

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

الحمد لله

أولا:

قد ورد في نصوص الوحي إطلاق اسم " القرية" واسم "المدينة" على مسمى واحد.

كقوله تعالى في سورة الكهف:  فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا   الكهف/77.

ثم قال تعالى: وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ  الكهف/82.

وفي سورة يس:  وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ  يس/13.

ثم قال تعالى: وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَاقَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ   يس/20.

قال الشوكاني رحمه الله تعالى:

" ( وَأَمَّا الْجِدَارُ ) يعني: الذي أصلحه ( فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ ) هي القرية المذكورة سابقا، وفيه جواز إطلاق اسم المدينة على القرية لغة " انتهى من "فتح القدير" (3 / 419 - 420).

وهو المتعارف عليه بين القوم الذين نزل عليهم القرآن.

قال القرطبي رحمه الله تعالى:

"  ودل قوله: ( فِي الْمَدِينَةِ ) على أن القرية تسمى مدينة، ومنه الحديث ( أمرت بقرية تأكل القرى) -أي المدينة-، وفي حديث الهجرة ( لمن أنت ) فقال الرجل: من أهل المدينة، يعني مكة " انتهى من "تفسير القرطبي" (13 / 354).

وقال ابن كثير رحمه الله تعالى:

" في هذه الآية دليل على إطلاق القرية على المدينة؛ لأنه قال أولا ( حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ )، وقال هاهنا: ( فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ )، كما قال تعالى: ( وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ )، ( وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ )، يعني: مكة والطائف " انتهى من "تفسير ابن كثير" (5 / 185).

ثانيا:

التفريق الذي يفرقه الناس بين القرية والمدينة، إنما تفريق عرفي، بحسب ما يغلب عليه الإطلاق بين الناس، لا أن أصل الوضع اللغوي يقتضي ما ذكر من الفروق ، أو غيرها .

لكن هذا من حيث اللغة لا اشكال فيه، فتطلق القرية على المدينة، والعكس.

جاء في " كفاية المتحفظ" (ص 172):

" الْقرْيَة: كل مكان اتّصلت فيه الأبنية ، واتُّخذ قرارا، وجمعها قرى.

ويقع ذلك على المدن وغيرها " انتهى .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:

" فالقرية ليست هي البلد الصغير كما يظن كثير من الناس، بل القرية تكون مدينة، لأن أصل القرية معناه مأخوذ من القرى، وهو التجمع فإن الناس يجتمعون فيها.

فإذا كانت بلدة كبيرة سميت في عرف الناس مدينة، وإن كانت دون ذلك ، سميت في عرف الناس قرية.

فالتفريق بين القرية والمدين ما هو إلا اصطلاح عرفي فقط " انتهى من "تفسير سورة يس" (ص 72).

والله أعلم.

أسئلة متعلقة أخري
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي...