عنوان الفتوى : تحريف الشيعة لتفسير القرآن الكريم

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

تنتشر مقاطع على اليوتيوب لبعض شيوخ وخطباء الرافضة ، وهم يفسرون بعض الآيات مثل : ( وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا ) بأن ربها هنا هو علي رضي الله عنه ، ويفسرون قوله تعالى ( فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا ) بأن الرب هنا يراد به علي ، وأحدهم فسر قوله تعالى ( وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا) بأنه وجاء أمير المؤمنين ، وعند مناقشتهم يقولون : بأن الرب في اللغة لا تعني بالضرورة رب العالمين ، بل يراد منها الملك ، والسيد ، ونحن لا نقصد بأن علي هو رب العالمين ، بل نقصد معنى السيد والملك ، فهل هذا يدخل في شرك الربوبية ، نرجو التفصيل ؛ لأهمية الموضوع وخطورته وانتشاره خاصة وأنها شبهة من بعض زواياها لها مستند لغوي ؟

مدة قراءة الإجابة : 7 دقائق

الحمد لله  

أولًا :

اسم "الرب" إذا أطلق، ولم يقيد بشيء معين : فلا يجوز أن يراد به غير الله ، رب العالمين.

وأما إن قيد برب شيء معين ، خاصة إذا كان هذا الشيء لا يعقل ، ولا يكلف بعبادة ، كأن يقال : رب الدار، ورب الإبل ، ونحو ذلك : فهو جائز ، بحسب سياق الكلام، ويكون المراد به : مالك ذلك الشيء ، وصاحبه .

قال النووي: " قال العلماء: لا يُطلق الربُّ بالألف واللام إلاّ على الله تعالى خاصة.

فأما مع الإضافة فيقال: ربّ المال، وربّ الدار، وغير ذلك.

ومنه قول النبيّ (صلى الله عليه وسلم) في الحديث الصحيح في ضالّة الإِبل: " دَعْها ، حتَّى يَلْقاها رَبُّها " .

والحديث الصحيح " حتَّى يُهِمَّ ربَّ المَالِ مَنْ يَقْبَلُ صَدَقَتَهُ " وقول عمر رضي الله عنه في "الصحيح": ربّ الصُّرَيْمة والغُنَيْمة.

ونظائره في الحديث كثيرة مشهورة.

وأما استعمال حملة الشرع ذلك: فأمر مشهور معروف.

قال العلماء: وإنما كره للمملوك أن يقول لمالكه: ربي؛ لأن في لفظه مشاركة لله تعالى في الربوبية.

وأما حديث " حتى يلقاها ربُّها " و " ربّ الصريمة " وما في معناهما، فإنما استعمل لأنها غير مكلفة، فهي كالدار والمال، ولا شك أنه لا كراهة في قول: ربّ الدار، وربّ المال.

وأما قول يوسف (صلى الله عليه وسلم) : (اذكرني عند ربك) : فعنه جوابان:

أحدهما: أنه خاطبه بما يعرفه، وجاز هذا الاستعمال للضرورة، كما قال موسى (صلى الله عليه وسلم) للسامري: (وَانْظُرْ إلى إلهك) [طه: 97] ؛ أي الذي اتخذته إلهاً.

والجواب الثاني: أن هذا شرعُ مَنْ قَبْلنَا، وشرعُ من قبلنا لا يكون شرعاً لنا إذا ورد شرعُنا بخلافه، وهذا لا خلاف فيه " انتهى من " الأذكار " (363).

وانظر الأجوبة رقم : (114749)، (115363).

ثانيًا :

ضلال الشيعة في تفسير القرآن معروف ، وأجناس تحريفهم للقرآن كثيرة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية : " من المعلوم لكل عاقل : أنه ليس في علماء المسلمين المشهورين أحد رافضي؛ بل كلهم متفقون على تجهيل الرافضة وتضليلهم، وكتبهم كلها شاهدة بذلك، وهذه كتب الطوائف كلها تنطق بذلك، مع أنه لا أحد يلجئهم إلى ذكر الرافضة، وذكر جهلهم وضلالهم.

وهم دائما يذكرون من جهل الرافضة وضلالهم : ما يُعلم معه بالاضطرار ، أنهم يعتقدون أن الرافضة من أجهل الناس ، وأضلهم، وأبعد طوائف الأمة عن الهدى.

كيف؛ ومذهب هؤلاء الإمامية قد جمع عظائم البدع المنكرة، فإنهم جهمية ، قدرية ، رافضة. وكلام السلف والعلماء في ذم كل صنف من هذه الأصناف : لا يحصيه إلا الله، والكتب مشحونة بذلك، ككتب الحديث والآثار والفقه والتفسير والأصول والفروع وغير ذلك، وهؤلاء الثلاثة شر من غيرهم من أهل البدع كالمرجئة والحرورية.

والله يعلم أني مع كثرة بحثي ، وتطلعي إلى معرفة أقوال الناس ومذاهبهم ؛ ما علمت رجلا له في الأمة لسان صدق يُتّهم بمذهب الإمامية، فضلا عن أن يقال: إنه يعتقده في الباطن "  انتهى .من"منهاج السنة" (4/ 131).

وقال : " وليس في شيوخ الرافضة إمام في شيء من علوم الإسلام ، لا علم الحديث ولا الفقه ولا التفسير ولا القرآن، بل شيوخ الرافضة إما جاهل ، وإما زنديق، كشيوخ أهل الكتاب "  انتهى من "منهاج السنة" (7/ 286).

ثالثًا :

يقول د. ناصر القفاري عن تحريف الشيعة للآيات التي ذكر فيها اسم " الرب "، وادعاؤهم أنها نزلت في علي رضي الله عنه: " جاء في أخبارهم أن عليًا - كما يفترون عليه - قال: أنا رب الأرض، الذي تسكن الأرض به .

فانظر إلى هذا التطاول والغلو .. فهل رب الأرض إلا الواحد القهار، وهل يمسك السماوات والأرض إلا خالقهما سبحانه ، ومبدعهما.

إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ أَن تَزُولا وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ.. .

وقال إمامهم: "أنا رب الأرض" يعني إمام الأرض، وزعم أنه هو المقصود بقوله سبحانه: وَأَشْرَقَتِ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا .

وفي قوله سبحانه: أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُّكْرًا . قالوا: يرد إلى أمير المؤمنين فيعذبه عذابًا نكرًا .

وفي قوله سبحانه: وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا . جاء في تفسير العياشي: يعني التسليم لعلي رضي الله عنه ، ولا يشرك معه في الخلافة من ليس له ذلك ، ولا هو من أهله .

وبنحو ذلك جاء تأويلها عند القمي في تفسيره .

ولا تظن أن هذا التأويل من باب أن (رب) تأتي في اللغة بمعنى صاحب أو سيد؛ إذ إن هذه الآيات نص في الرب سبحانه ، لا تحتمل سواه، فالإضافة: عرفته وخصصته.

وقد قال أئمة اللغة: إن الرب إذا دخلت عليه (أل) لا يطلق إلا على الله سبحانه.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "الأسماء والصفات نوعان: نوع يختص به الرب، مثل الإله ، ورب العالمين ، ونحو ذلك؛ فهذا لا يثبت للعبد بحال، ومن هنا ضل المشركون الذين جعلوا لله أندادًا.

والثاني: ما يوصف به العبد في الجملة ، كالحي والعالم والقادر ؛ إلا أنه لا يجوز أن يثبت للعبد، مثل ما يثبت للرب أصلاً".

ولكن هؤلاء جعلوا لفظ الرب الخاص بالله سبحانه : اسمًا لإمامهم ، عبر تأويلاتهم الكثيرة.

وهذه التأويلات وضعها لهم زنديق ملحد ، أراد بذلك صرف الشيعة عن ربها..

وقد تكون فرقهم التي قالت بربوبية عليّ، والرجال الذين ذهبوا هذا المذهب، والذين نسمع نعيقهم إلى يومنا هذا : قد شربوا من هذا المستنقع الآسن ، الذي احتفظت به كتب الاثني عشرية المعتمدة عندها "، انتهى من " أصول الشيعة الاثنى عشرية عرض ونقد"(2/ 510 - 511).

والله أعلم .