عنوان الفتوى : حكم طاعة الابن والده في حضور صلاة الجماعة
ما هو حكم صلاة الجماعة في المساجد لوضع شاب يبعد بضعة أميال عن المسجد، وفي هذا الصيف هو فارغ من الدراسة والعمل، ولديه سيارة خاصة مدفوع مصروفها من والده؟ علمًا بأن والده يجبره على الذهاب للمسجد، وخاصة بالفجر والعشاء. فأرجو إيضاح هذه المسألة تفصيلًا، وما هو حكمه الشرعي إن لم يذهب لصلاة الجماعة في ظروفه المذكورة من دون مرض أو عذر شرعي؟ وجزيتم خيرًا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فمن بعُد عن المسجد مسافة لا يمكنه معها سماع صوت المؤذن من غير مكبر صوت، فإنه لا تجب عليه الجماعة في المسجد، حتى عند القائلين بوجوبها، كما بيناه في عدة فتاوى، كالفتوى رقم: 268603 ، ولكن من أمره والده بالذهاب إلى المسجد وجب عليه الذهاب ما دام قادرًا؛ لأن طاعة الوالد واجبة في غير معصية الله تعالى، كما نص على هذا طائفة من أهل العلم، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: ويلزم الإنسان طاعة والديه في غير المعصية وإن كانا فاسقين ... اهـ. وأحرى بالوجوب لو أمره والده بطاعة الله تعالى، كفعل مندوب، فإنه تجب طاعته حينئذ؛ قال القرطبي: عقوق الوالدين مخالفتهما في أغراضهما الجائزة لهما، كما أن برهما موافقتهما على أغراضهما، وعلى هذا إذا أمرا أو أحدهما ولدهما بأمر وجبت طاعتهما فيه إذا لم يكن ذلك الأمر معصية؛ وإن كان ذلك المأمور به من قبيل المباح في أصله، وكذلك إذا كان من قبيل المندوب ... اهـ.
ولا شك أن الصلاة في المسجد - وإن لم تكن واجبة على من لا يسمع النداء - فإنها تكون مندوبة، لما فيها من كثرة الثواب؛ فإن المصلي في المسجد ينال أجر الذهاب وأجر الإياب وأجر انتظار الصلاة، ويكثر أجر صلاته بكثرة المصلين، فيجب على الشاب المشار إليه أن يطيع أباه في الصلاة في المسجد.
والله تعالى أعلم.