عنوان الفتوى : متى يكون العاصي فاسقا أو مرتدا بمعصيته؟
صححْ أخي لي إن أخطأت، وأجب عن سؤالي -بارك الله فيك-: فاعل الذنب الصغير لضعف ولشهوة ولهوى ولاعتياد، فاسق. وإن تطور الأمر لإصرار على الذنب للأسباب السابقة مجتمعة أو متفرقه، فقد ارتكب كبيرة بهذا الإصرار. إن تاب وبدأ الاستقامة، فحدث أنه في طريقه لمراقبته الله ضعف -والعياذ بالله- فلم يلق لنظر ربه اهتمامًا أو تجاهله معاندًا، هنا هل يكون ذلك استكبارا كاستكبار إبليس فيخرج المذنب من الملة؟ وهل إصراره على الذنب لاعتياده أو لشهوة وهوى وضعف، مع تجاهل نظر الله إن خطر على باله أثناء فعله الذنب، وأكمل الذنب بنية أنه لا يستكبر ولا يستحل ما يفعل، لكنه يفعله اتباعًا لهواه طمعًا في الفاني المحصل من وراء الذنب، هل يدخل ذلك في الاستكبار فيكفر المذنب أيضًا أم أنه يكون فاجرًا؟ هو يسأل ويقول لي إن مقصده الاستقامة، ولكن قد يضعف ويفعل الذنب ما تذكر نظر الله متجاهلًا ومعاندًا أحيانًا، فما حكم ذلك بدقة؟ وهل كلما فعل ذنبًا ولو صغيرًا كما نخطئ أحيانًا، هل بذلك يكفر؟ لأن الفرق بينه وبيننا أننا أخطأنا أو نسينا أما هو فنفسه ذكرته بالله أو سمع قرآنًا بجواره، وتابع الذنب سواء تجاهلًا أو معاندة أو ضعفًا أو تعودًا أو طمعًا فيما وراء الذنب، وبدون قصد الاستهزاء والاستكبار كما يقول، لكن ما حكم فعله هذا في كل حالة مما ذكرت؟ وجزاكم الله خيرًا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس مجرد فعل الصغيرة فسقًا، فإن الفاسق هو من يرتكب الكبيرة أو يصر على الصغيرة، وراجع الفتوى رقم: 271870. والإصرار على الصغائر يصيرها كبائر، ولكن الشخص لا يخرج من الملة ولا يصير مشابها لإبليس في استكباره بمجرد فعل الذنب؛ سواء كان هذا الذنب صغيرة أو كبيرة، ولا يخرج من الملة إلا بفعل واحد من موجبات الردة المبينة في الفتوى رقم: 146893، وكون هذا الشخص ارتكب الذنب عامدًا لا ناسيًا، أو ارتكبه بعد أن ذُكِّر بقبح الذنب وسوء عاقبته اتباعًا لهواه أو لغير ذلك من الأغراض المذكورة في السؤال لا يوجب خروجه من الملة ما دام معتقدًا حرمة ما فعله غير مستحل لما علم من الدين بالضرورة تحريمه.
والتكفير بارتكاب الذنوب إنما هو مذهب الخوارج، وأما أهل السنة والجماعة فلا يكفرون مسلمًا بذنب ما لم يستحله، ويرجون للطائع ويخافون على العاصي، وواضح من أسئلتك أنك مصاب بشيء من الوسوسة خاصة في هذا الباب؛ فاحذر الوساوس ولا تسترسل معها وبخاصة في هذا الباب، فإن الاسترسال مع الوساوس يفضي إلى شر عظيم.
والله أعلم.