عنوان الفتوى : ما زاد الله عبداً بعفوٍ إلا عزًا
تربطني بجاري علاقة أخوية متميزة وفجأة انقلب علي 180 درجة إلى أشد أنواع الخصوم فهو لم يترك شتيمة أو نعتاً سيئاً إلا ووجهه إلي ثم شهّر بي بين الناس ثم ضربني أمام الناس كل ذلك من خلال وشاية أني تكلمت عليه بسوء وكنت أترجاه أن يتروى من التهم وأن يدخر شيئاً من الشتائم لأجل الإصلاح ولكنه لم يترك شيئاً من الشتائم، وبعد دخول أهل الخير والتحقق من الكلام المنسوب إلي تبين ولله الحمد براءتي والآن يريد المصلحون أن تعود الأمور إلى نصابها ولكني أرفض مجالسته ومسامحته بعد ما فعل وطلبا لمغفرة الله سامحته ووعدت المصلحين إذا رأيته أن أقول له السلام عليكم ولكن دون مصافحته و
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما فعله جارك من شتمك وضربك أمام الآخرين بناء على وشاية لم يتثبت منها ظلم كبير، واعتداء سافر، وكان ينبغي له أن يتمثل قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ [الحجرات:6].
وحتى لو تثبت من صحة هذه الوشاية فما كان ينبغي له أن يقدم على ما أقدم عليه، فهناك طرق جائزة يستطيع الوصول بها إلى حقه بدلاً من هذه الأفعال المحرمة.
ولكن قد ندب الله للعفو عن المسيء فقال جل وعلا: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ [الشورى:40]. وقال صلى الله عليه وسلم: ...وما زاد الله عبداً بعفوٍ إلا عزًا.. رواه مسلم.
وقد أحسنت - بارك الله فيك - بأنك سامحته طلباً لمغفرة الله، ووعدت المصلحين - جزاهم الله خيراً - بأن تلقي عليه السلام، فتتميم عملك الطيب أن تصافحه، ليذهب ما في القلوب من الشحناء، قال صلى الله عليه وسلم: دب إليكم داء الأمم قبلكم: الحسد والبغضاء، والبغضاء هي الحالقة، حالقة الدين لا حالقة الشعر، والذي نفسي محمد بيده لا تؤمنوا حتى تحابوا، أفلا أنبئكم بشيء إذا فعلتموه تحاببتم، أفشوا السلام بينكم. رواه أحمد والترمذي.
وقال أيضاً: إذا التقى المسلمان فتصافحا وحمدا الله واستغفراه غفر لهما. رواه أبو داود وأبو يعلى.
وروى الضياء في المختارة عن البراء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أيما مسلمين التقيا فأخذ أحدهما بيد صاحبه فتصافحا وحمدا الله تعالى جميعاً إلا تفرقا وليس بينهما خطيئة. وصححه الألباني في صحيح الجامع.
ولا إثم عليك في ترك مصافحته عند ملاقاته، لأن المصافحة سنة عند لقاء المسلم بأخيه المسلم، ولكن ينبغي لك أن تفعل هذا حرصاً على نيل رضا الله تعالى.
والله أعلم.