عنوان الفتوى : السعادة كنز ثمين يمكن تملُّكه
ما هو السبيل إلى السعادة أفيدوني جزاكم الله عنا ألف خير.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالسعادة هي تلك الجنة التي ينشدها كل الناس، وقليل منهم من يوفق إلى سلوك طريقها الصحيح، والأكثر يطلبها في غير موضعها، فيزداد شقاء إلى شقائه، وتعاسة إلى تعاسة، فيظن أكثر الناس أن السعادة في الغنى والمال، لكننا وجدنا كثيراً من الأغنياء في شقاء حقيقي، ويظن آخرون أن السعادة في كثرة الأولاد الذين هم زهرة الحياة وزينة الدنيا، ولكننا وجدنا كثيراً من هؤلاء يعاني من أولاده الأمرين.
ويظن البعض أن السعادة في الشهرة والوجاهة والمناصب العالية، ولكننا وجدنا كثيراً من أصحاب الشهرة والمناصب يموتون منتحرين !!
إذاً أين السعادة إذا لم تكن في وفرة المال ولا كثرة الأولاد ولا سطوة الجاه ؟ السعادة كما يقول أحد العلماء: شيء معنوي لايرى بالعين ولا يقاس بالكم ولا تحتويه الخزائن ولا يشترى بالدنيا ...، السعادة شيء يشعر به الإنسان بين جوانحه،... صفاء نفس وطمأنينة قلب وانشراح صدر وراحة ضمير.
وهذا كله تجده في الإيمان العميق بالله سبحانه وفي ذكره ومراقبته والعمل الصالح ابتغاء وجهه، قال تعالى: الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ [الرعد:28].
وقال: من عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً [النحل:97].
هذا الإيمان والعمل الصالح هو الذي جعل السلف يقولون: إننا في سعادة لو علم بها الملوك لجالدونا عليها بالسيوف. وقالوا: إنه لتمر علينا ساعات نقول فيها لوكان أهل الجنة في مثل ما نحن فيه إنهم لفي عيش طيب
فالسعادة إذاً شجرة ماؤها وغذاؤها الإيمان الحق بالله وبالدار الآخرة, ومهما أوتي الإنسان من الأسباب المادية فلن يصل إلى السعادة إذا خلا قلبه من الإيمان وعقله من القرآن وهدفه من مرضاة الله، ونحن هنا لا ننكر دور المادة في تحقيق السعادة.. لكننا نقول: إن الإيمان يغني عنها ولكنها لا تغني عن الإيمان، فإن اجتمع للمسلم الإيمان والمال فذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، وفي الحديث: من سعادة ابن آدم المرأة الصالحة والمسكن الصالح والمركب الصالح. رواه أحمد بإسناد صحيح.
والله أعلم.