عنوان الفتوى : تفويت صلاة العصر أعظم من تفويت غيرها
كيف يقضي من فاتته صلاة العصر لعذر شرعي وأذن المغرب قبل أن يصلي العصر؟ هل يصلي العصر أولا أم يصلي المغرب في جماعة ومن ثم يصلي العصر قضاء ؟ وجزاكم الله خيراً....
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تأخير الصلاة عن وقتها من غير نوم ولا نسيان إثم كبير وجرم عظيم لأن فعل الصلاة في وقتها فرض من أوكد فرائض الصلاة.
وجاء النهي الشرعي عن تأخير الصلاة عن وقتها وبالأخص صلاة العصر، ففي الصحيحين يقول النبي صلى الله عليه وسلم: من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله. وفيهما أيضاً يقول صلى الله عليه وسلم: من فاتته صلاة العصر فقد حبط عمله.
قال شيخ الإسلام: تفويت العصر أعظم من تفويت غيرها فإنها الصلاة الوسطى المخصوصة بالأمر بالمحافظة عليها، وهي التي فرضت على من كان قبلنا فضيعوها. انتهى.
فمن كان مستيقظاً ذاكراً للصلاة حرم عليه تأخيرها بحال، فليس لأحد قط أن يؤخر الصلاة عن وقتها لا لعذر ولا لغير عذر؛ لكن العذر يبيح له شيئين: يبيح له ترك ما يعجز عنه، ويبيح له الجمع بين الصلاتين، بل حتى حال القتال لا يجوز له تأخير الصلاة عن وقتها.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: فلم يجوزوا تأخير الصلاة حال القتال بل أوجبوا عليه الصلاة في الوقت، وهذا مذهب مالك والشافعي وأحمد في المشهور عنه، وعن أحمد رواية أخرى أنه يخير حال القتال بين الصلاة وبين التأخير، ومذهب أبي حنيفة يشتغل بالقتال ويصلي بعد الوقت. وأما تأخير الصلاة لغير الجهاد كصناعة أو زراعة أو صيد أو عمل من الأعمال ونحو ذلك فلا يجوزه أحد من العلماء ... وإنما يعذر بالتأخير النائم والناسي ... فلا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها لجنابة ولا حدث ولا نجاسة ولا غير ذلك؛ بل يصلي في الوقت بحسب حاله فإن كان محدثاً وقد عدم الماء أو خاف الضرر باستعماله تيمم وصلى وكذلك الجنب يتيمم ويصلي إذا عدم الماء أو خاف الضرر باستعماله لمرض أو لبرد، وكذلك العريان يصلي في الوقت عرياناً ولا يؤخر الصلاة حتى يصلي بعد الوقت في ثيابه، وكذلك إذا كان عليه نجاسة لا يقدر أن يزيلها فيصلي في الوقت بحسب حاله وهكذا المريض يصلي على حسب حاله في الوقت.... انتهى
وعليه فمن فوت الصلاة متعمداً فقد أتى كبيرة من أعظم الكبائر، وعليه القضاء عند جمهور العلماء، والذي فاتته صلاة العصر حتى حضرت صلاة المغرب فإنه يصلي العصر أولاً ثم المغرب، وإن كانت جماعة المغرب قد قامت فينوي مع الجماعة صلاة العصر فإذا سلموا من المغرب قام وأكمل الرابعة، كما هو مبين في الفتوى رقم: 18730، ثم يصلي المغرب بعد ذلك.
والله أعلم.