عنوان الفتوى : حديث: ( أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، لكل آية منها ظهر وبطن ).
ما صحة حديث: رواه ابن مسعود أنه قال: " ( القرآن أنزل على سبعة أحرف ، ما منها حرف إلا وله ظهر وبطن ، وإن علي بن أبي طالب عنده منه الظاهر والباطن ) ؟
الحمد لله
أولا:
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن القرآن نزل على سبعة أحرف .
روى البخاري (3219) ، ومسلم (819) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : أَقْرَأَنِي جِبْرِيلُ عَلَى حَرْفٍ ، فَلَمْ أَزَلْ أَسْتَزِيدُهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ .
والذي عليه علماء السلف: أن المصحف الذي جمع عثمان الناس عليه ، هو أحد الحروف السبعة ، وهو العَرضة الأخيرة ، وأن الحروف الستة خارجة عن هذا المصحف ، وأن الحروف السبعة كانت تختلف في الكلمة ، مع أن المعنى غير مختلف ولا متضاد.
ينظر جواب السؤال رقم : (215540) .
ثانيا :
روى ابن حبان في "صحيحه" (75) من طريق أَبِي إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيِّ عن أبي الأحوص عن ابن مسعود رضي الله تعالى عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، لكل آية منها ظهر وبطن .
وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط، في تعليقه على صحيح ابن حبان: " إسناده حسن، إن كان أبو إسحاق هو الهمْداني، كما ذكر المؤلف ، وهو عمرو بن عبد الله السبيعي .
وليِّنٌ ، إن كان إبراهيمَ بنَ مسلم الهجري ، كما رواه الطبري في تفسيره " .
وضعفه الألباني في "الضعيفة" (2989).
ورواه الطبراني في "الكبير" (10107) ، وأبو يعلى في "مسنده" (5149) ، والطحاوي في "شرح المشكل" (3095) من طريق مُغِيرَةَ، عَنْ وَاصِلِ بْنِ حَيَّانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عن ابن مسعود به مرفوعا .
وصححه محقق مسند أبي يعلى.
ولعل الراجح ضعفه .
ثالثا:
قال الطحاوي رحمه الله:
" الظَّهْرُ مِنْهَا هُوَ مَا يَظْهَرُ مِنْ مَعْنَاهَا، وَالْبَطْنُ مِنْهَا هُوَ مَا يبْطنُ مِنْ مَعْنَاهَا " .
انتهى من "شرح مشكل الآثار" (8/ 88).
وقال الطبري رحمه الله: " ظهره: الظاهر في التلاوة، وبطنه: ما بطن من تأويله ".
انتهى من "تفسير الطبري" (1/ 72) .
وقال الشيخ محمود شاكر رحمه الله في تعليقه على "تفسير الطبري":
" الظاهر: هو ما تعرفه العرب من كلامها، وما لا يعذر أحد بجهالته من حلال وحرام.
والباطن: هو التفسير الذي يعلمه العلماء بالاستنباط والفقه.
ولم يُرد الطبري ما تفعله طائفة الصوفية وأشباههم ، في التلعب بكتاب الله وسنة رسوله، والعبث بدلالات ألفاظ القرآن، وادعائهم أن لألفاظه "ظاهرًا" ، هو الذي يعلمه علماء المسلمين، و "باطنًا" يعلمه أهل الحقيقة، فيما يزعمون " انتهى .
وقال الصنعاني رحمه الله :
" ظهره: ما ظهر تأويله ، وعرف معناه، وبطنه: ما خفي تأويله وأشكل فحواه .
والظاهر : اللفظ ، والباطن المعنى .
أو الظهر : التلاوة والرواية، والبطن الفهم والدراية "
انتهى من "التنوير شرح الجامع الصغير" (4/ 278) .
فالحاصل:
أنه على فرض صحة هذا الحديث ، فالمقصود بظهره : ما ظهر معناه ، ولا يكاد يجهله أحد ، والمقصود ببطنه، ما لا يطلع على معناه إلا أهل العلم .
رابعا:
قال الحافظ أبو نعيم الأصبهاني رحمه الله في "حلية الأولياء" (1/ 65):
حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ نَذِيرُ بْنُ جُنَاحٍ الْقَاضِي، ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ، ثَنَا أَبِي، ثَنَا عَبَّاسُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ، ثَنَا غَالِبُ بْنُ عُثْمَانَ الْهَمْدَانِيُّ أَبُو مَالِكٍ، عَنْ عُبَيْدَةَ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: " إِنَّ الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، مَا مِنْهَا حَرْفٌ إِلَّا لَهُ ظَهْرٌ وَبَطْنٌ، وَإِنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ عِنْدَهُ عِلْمُ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ " .
وهذا لا يصح عن ابن مسعود رضي الله عنه، وفيه علل :
فشيخ أبي نعيم: نذير بن جناح: ذكره ابن ماكولا في "الإكمال" (7/ 257)، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا.
وإسحاق بن محمد بن مروان ، قال الدارقطني: ليس ممن يحتج بحديثه ، وقال البرقاني سألت الحجاجي، يعني أبا الحسين محمد بن محمد الحافظ ، عنه ، فقال: كانوا يتكلمون فيه.
"لسان الميزان" (1/ 375) .
وأبوه محمد بن مروان متروك ، قال الدارقطني: " شيخ من الشيعة حاطب ليل، متروك لا يكاد يحدث عن ثقة ".
"لسان الميزان" (5/ 376) .
وشيخه عباس بن عبيد الله : لم نجد له ترجمة.
وكذلك غالب بن عثمان الهمداني .
فهذا إسناد واه ، ليس بشيء .
والله تعالى أعلم .
أسئلة متعلقة أخري | ||
---|---|---|
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي... |