عنوان الفتوى : رؤيا عثمان النبيَّ صلى الله عليه وسلم ليلة استشهاده.
ما مدى صحة رؤيا عثمان للنبي صلى الله عليه وسلم قبل استشهاده ؟
الحمد لله
جاء من طرق متعددة أن أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم ليلة استُشهد ، وهو يقول له : ( أَفْطِرْ عِنْدَنَا اللَّيْلَةَ )، فأصبح رضي الله عنه صائما، فعدوْا عليه ، فقتلوه.
فروى الحاكم في "المستدرك" (4554) ، وابن أبي شيبة في "المصنف" (6/ 181) ، والآجري في "الشريعة" (4/ 1958) عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : " أَنَّ عُثْمَانَ أَصْبَحَ فَحَدَّثَ، فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَنَامِ اللَّيْلَةَ، فَقَالَ: ( يَا عُثْمَانُ، أَفْطِرْ عِنْدَنَا )، فَأَصْبَحَ عُثْمَانُ صَائِمًا، فَقُتِلَ مِنْ يَوْمِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ".
وصححه الحاكم ، ووافقه الذهبي ، وفي إسناده أبو جعفر الرازي ، وهو صدوق سيئ الحفظ.
"تقريب التهذيب" (ص: 629) .
وله شاهد ، رواه ابن حبان في صحيحه (6919) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى أَبِي أُسَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: " سَمِعَ عُثْمَانُ أَنَّ وَفْدَ أَهْلَ مِصْرَ قَدْ أَقْبَلُوا، فَاسْتَقْبَلَهُمْ ، وساق الحديث ، وفيه : أَنَّهُ رَأَى مِنَ اللَّيْلِ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَهُ: ( أَفْطِرْ عِنْدَنَا اللَّيْلَةَ ) ".
قال الحافظ في "المطالب العالية" (18/ 47):
" رِجَالُهُ ثِقَاتٌ، سَمِعَ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ ".
وتابعه على ذلك البوصيري في "إتحاف الخيرة" (8/10) .
وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط في تعليقه على "ابن حبان" (15/361) : " رجاله ثقات رجال الصحيح غير أبي سعيد مولى أبي أسيد فقد ذكره المؤلف في "الثقات" " .
وله شاهد آخر يرويه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (6/ 181) ، وابن سعد في "الطبقات" (3/ 75) ، وابن شبة في "تاريخ المدينة" (4/ 1227) عَنِ امْرَأَةِ عُثْمَانَ قَالَتْ: " أُغْفِيَ عُثْمَانُ فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ قَالَ: "إِنَّ الْقَوْمَ يَقْتُلُونَنِي" ، قُلْتُ: كَلَّا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ ، وقَالُوا: ( أَفْطِرْ عِنْدَنَا اللَّيْلَةَ ) أَوْ قَالُوا: ( إِنَّكَ تُفْطِرُ عِنْدَنَا اللَّيْلَةَ ) ".
وشاهد آخر يرويه ابن شبة في "تاريخ المدينة" (4/ 1227) عَنْ أَبِي قِلَابَةَ قَالَ: قَالَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنِّي هَوَيْتُ آنِفًا فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، فَقَالَ لِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَفْطِرْ عِنْدَنَا اللَّيْلَةَ) فَعَلِمْتُ أَنَّهُ الْيَوْمُ الَّذِي أُقْتَلُ فِيهِ. قَالَ: فَدَخَلُوا فَقَتَلُوهُ.
وروى ابن شبة أيضا في "تاريخ المدينة" (4/ 1228) عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ: أَنَّ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَمْسَى صَائِمًا لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ فَلَمْ يُفْطِرْ ، فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَانِي فَقَالَ: (لَا تُفْطِرْ حَتَّى تُفْطِرَ عِنْدِي الْقَابِلَةَ) فَوَاصَلَ حَتَّى قُتِلَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ.
وروى عبد الله بن أحمد في "زوائد المسند" (526) عَنْ مُسْلِمٍ أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ:
أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ أَعْتَقَ عِشْرِينَ مَمْلُوكًا، وَدَعَا بِسَرَاوِيلَ فَشَدَّهَا عَلَيْهِ، وَلَمْ يَلْبَسْهَا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلا إِسْلامٍ، وَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَارِحَةَ فِي الْمَنَامِ، وَرَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَإِنَّهُمْ قَالُوا لِي: (اصْبِرْ، فَإِنَّكَ تُفْطِرُ عِنْدَنَا الْقَابِلَةَ)، ثُمَّ دَعَا بِمُصْحَفٍ فَنَشَرَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقُتِلَ وَهُوَ بَيْنَ يَدَيْهِ.
وضعفه محققو المسند.
وروى الحارث بن أبي أسامة ، كما في "بغية الباحث" (2/ 901) عَنْ مُهَاجِرِ بْنِ حَبِيبٍ وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ مَصْقَلَةَ قَالَا: بَعَثَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ وَهُوَ مَحْصُورٌ فَدَخَلَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ: " ارْفَعْ رَأْسَكَ تَرَى هَذِهِ الْكُوَّةَ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشْرَفَ مِنْهَا اللَّيْلَةَ فَقَالَ: (يَا عُثْمَانُ أَحَصَرُوكَ؟) قُلْتُ: نَعَمْ، فقَالَ لِي: (إِنْ شِئْتَ دَعَوْتُ اللَّهَ فَنَصَرَكَ عَلَيْهِمْ ، وَإِنْ شِئْتَ أَفْطَرْتَ عِنْدَنَا) ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَقُلْتُ لَهُ: مَا الَّذِي اخْتَرْتَ؟ قَالَ: الْفِطْرُ عِنْدَهُ ".
وإسناده ضعيف.
وقال الحافظ البيهقي في "دلائل النبوة" (7/ 48):
" رُوِيَتْ هَذِهِ الرُّؤْيَا مِنْ أَوْجُهٍ كَثِيرَةٍ " .
وقال الشيخ أبو إسحاق الحويني ، حفظه الله : "صحيحٌ. وجملةُ القول: فهذا الحديث ثابتٌ عندي، لتباين طرقه، واختلاف مخرجها، مع قرب الضعف في سائرها. والله أعلم" .
انتهى من "المنيحة بسلسلة الأحاديث الصحيحة" (2/488) .
والله تعالى أعلم.
أسئلة متعلقة أخري | ||
---|---|---|
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي... |