عنوان الفتوى : وجوب الأكل والشرب بمقدار دفع الهلاك
ما هي الأطعمة والأشربة التي كان النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه يرون أنها من الغذاء الذي يجب على المكلف تناوله، وإلا عاقبه الله على عدم تناوله؛ لكون هذا الغذاء لا بد منه للعبد، حيث إذا تركه مرض أو مات؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإنا لم نطلع على طعام أو شراب محدد بعينه يجب على المكلف تناوله، وإلا عاقبه الله على عدم تناوله، لكون هذا الطعام لا بد منه للعبد، حيث إذا تركه مرض أو مات. ولكنه ثبتت النصوص الآمرة بحفاظ العبد على صحته، والبعد عما يفضي به للهلاك، ومن ذلك: أمره بالأكل من غير سرف، كما في قوله تعالى: وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ {الأعراف:31}. قال العلامة ابن القيم -رحمه الله-: في هاتين الكلمتين الإلهيتين حفظ الصحة كلها؛ فقد أرشد سبحانه إلى إدخال ما يقيم البدن من الطعام والشراب عوض ما تحلل منه، ولكن بمقدار في الكمية والكيفية، ومتى جاوز الإنسان ذلك كان إسرافًا، وكلا الأمرين مانع من الصحة جالب للمرض -أعني: عدم الأكل والشرب أو الإسراف فيهما-. والآيات في هذا المقام كثيرة. اهـ.
وقد نص أهل العلم على وجوب تناول الطعام لمن ظن الهلاك بتركه، ويأثم إذا امتنع من ذلك؛ جاء في الموسوعة الفقهية: مَنِ امْتَنَعَ مِنَ الْمُبَاحِ حَتَّى مَاتَ كَانَ قَاتِلًا نَفْسَهُ، مُتْلِفًا لَهَا عِنْدَ جَمِيعِ أَهْل الْعِلْمِ؛ لأِنَّ الأْكْل لِلْغِذَاءِ وَالشُّرْبَ لِدَفْعِ الْعَطَشِ فَرْضٌ بِمِقْدَارِ مَا يَدْفَعُ الْهَلاَكَ، فَإِنْ تَرَكَ الأْكْل وَالشُّرْبَ حَتَّى هَلَكَ فَقَدِ انْتَحَرَ؛ لأِنَّ فِيهِ إِلْقَاءَ النَّفْسِ إِلَى التَّهْلُكَةِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ فِي مُحْكَمِ التَّنْزِيل. وَإِذَا اضْطُرَّ الإْنْسَانُ لِلأْكْل أَوِ الشُّرْبِ مِنَ الْمُحَرَّمِ كَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ .. حَتَّى ظَنَّ الْهَلاَكَ جُوعًا لَزِمَهُ الأْكْل وَالشُّرْبُ، فَإِذَا امْتَنَعَ حَتَّى مَاتَ صَارَ قَاتِلًا نَفْسَهُ. اهـ.
وانظر هديه صلى الله عليه وسلم في تناول الطعام في الفتوى رقم: 53743.
والله أعلم.