عنوان الفتوى : درجة ومعنى حديث: أكثر الناس شبعا في الدنيا أطولهم جوعا يوم القيامة.
في حديث الرسول عليه الصلاة والسلام: أكثر الناس جوعا يوم القيامة أطولهم شبعا في الدنيا.... فهل يدل على كراهية الشبع أو كراهية الأكل؟ وعلى ماذا يدل؟ وماذا ينبغي على المسلم تطبيقه من هذا الحديث؟.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ورد في الحديث عن أبي جحيفة ـ رضي الله عنه ـ قال: أكلت ثريدة بلحم سمين، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أتجشأ، فقال: اكفف عليك جشاءك أبا جحيفة، فإن أكثر الناس شبعاً في الدنيا أطولهم جوعاً يوم القيامة، فما أكل أبو جحيفة ملء بطنه حتى فارق الدنيا، وكان إذا تغدى لا يتعشى، وإذا تعشى لا يتغدى. رواه الطبراني وغيره.
وهذا الحديث ضعفه الألباني في السلسلة.
وقد ذكر أهل العلم أنه يجوز الشبع في حدود المعتاد من غير إسراف، ففي صحيح البخاري عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة: أنه سمع أنس بن مالك، يقول: قال أبو طلحة لأم سليم: لقد سمعت صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضعيفا، أعرف فيه الجوع، فهل عندك من شيء؟ فأخرجت أقراصا من شعير، ثم أخرجت خمارا لها، فلفت الخبز ببعضه ثم دسته تحت ثوبي، وردتني ببعضه، ثم أرسلتني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فذهبت به، فوجدت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد ومعه الناس، فقمت عليهم، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: أرسلك أبو طلحة؟ فقلت: نعم، قال: بطعام؟ قال: فقلت: نعم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن معه: قوموا، فانطلق وانطلقت بين أيديهم، حتى جئت أبا طلحة، فقال أبو طلحة: يا أم سليم، قد جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس، وليس عندنا من الطعام ما نطعمهم، فقالت: الله ورسوله أعلم، قال: فانطلق أبو طلحة حتى لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقبل أبو طلحة ورسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دخلا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هلمي يا أم سليم، ما عندك فأتت بذلك الخبز، فأمر به ففت، وعصرت أم سليم عكة لها فأدمته، ثم قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شاء الله أن يقول، ثم قال: ائذن لعشرة، فأذن لهم، فأكلوا حتى شبعوا، ثم خرجوا، ثم قال: ائذن لعشرة، فأذن لهم فأكلوا حتى شبعوا، ثم خرجوا، ثم قال: ائذن لعشرة، فأذن لهم، فأكلوا حتى شبعوا ثم خرجوا، ثم أذن لعشرة فأكل القوم كلهم وشبعوا، والقوم ثمانون رجلا.
وجاء في شرح صحيح البخاري لابن بطال: وفيه جواز الأكل حتى يشبع الإنسان، وأن الشبع مباح، وكذلك حديث عبد الرحمن بن أبي بكر وحديث عائشة جواز الشبع أيضًا، وإن كان ترك الشبع في بعض الأحايين أفضل، وقد وردت في ذلك آثار عن سلمان وأبي جحيفة أن النبي عليه السلام قال: إن أكثر الناس شبعًا في الدنيا أطولهم جوعًا في الآخرة ـ قال الطبري: غير أن الشبع وإن كان مباحًا، فإن له حدًا ينتهى إليه، وما زاد على ذلك فهو سرف، فالمطلق منه ما أعان الآكل على طاعة ربه ولم يشغله ثقله عن أداء واجب عليه، وذلك دونما أثقل المعدة وثبط آكله عن خدمة ربه، والأخذ بحظه من نوافل الخير، فالحق لله على عبده المؤمن أن لا يتعدى في مطعمه ومشربه ما سد الجوع وكسر الظمأ. اهـ.
والله أعلم.