عنوان الفتوى : الصلاة على النبي بالمأثور يغني عن الصيغ المستحدثة
ما حكم الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- بهذه الصيغة: "اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدُنَا وَمَوْلاَنَا مُحَمَّدٍ، شَجَرَةِ الأَصْلِ النُّورَانِيَّةِ، وَلَمْعَةِ الْقَبْضَةِ الرَّحْمَانِيَّةِ، وَأَفْضَلِ الْخَلِيقَةِ الإِنْسَانِيَّةِ، وَأَشْرِفِ الصُّورَةِ الْجِسْمَانِيَّةِ، وَمَعْدِنِ الأَسْرَارِ الرَّبَّانِيَّةِ، وَخَزَائِنِ الْعُلُومِ الاصْطِفَائِيَّةِ، صَاحِبِ الْقَبْضَةِ الأَصْلِيَّةِ، وَالْبَهْجَةِ السَّنِيَّةِ، وَالرُّتْبَةِ الْعَلِيَّةِ، مَنِ انْدَرَجِتِ النَّبِيُّون تَحْتَ لِوَائِهِ؛ فَهُمْ مِنْهُ وَإِلَيْهِ، وَصَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلِيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ عَدَدَ مَا خَلَقْتَ وَرَزَقْتَ، وَأَمَتَّ وَأَحْيَيْتَ إِلَى يَوْمِ تَبْعَثُ مَنْ أَفْنَيْتَ، وَسَلِّمْ تَسْلِيماً كَثِيراً، وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِينَ."؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففيما ثبت في الأحاديث الصحيحة من صيغ للصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- غنية عن غيره، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 5733، 5025، 42806، 38193.
وأما هذه الصيغة: فالأولى تركها، والاكتفاء عنها بغيرها مما صح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ فهي أولا لم ترد -فيما نعلم- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، ثم فيها كلمات متشابهة المعنى -لها أكثر من معنى-، وكلمات لا ندري المراد بها، مثل: شجرة الأصل النورانية؛ فقد يكون معناها أصل الوجود، وهو باطل، وقد يكون المعنى: المبلغ الشرع، وهو معنى صحيح.
ولمعة القبضة الرحمانية، .... صاحب القبضة الأصلية: غير واضح المعنى.
وقد سئل الشيخ/ ابن باز -رحمه الله- عن إحدى صيغ الصلاة على النبي تعرف بالفتح: ما حكم صلاة الفاتح على النبي -صلى الله عليه وسلم- بهذه الصيغة: اللهم صلِّ على سيدنا محمد الفاتح لما أغلق، والخاتم لما سبق، ناصر الحق بالحق، الهادي إلى الصراط المستقيم... إلى آخره؟ لأنها كثيرًا ما تقال عندنا بعد الفرائض بصوتٍ عالٍ، يرددها الإمام، ويرددها المصلون خلفه. أفيدونا أفادكم الله.
فأجاب: هذه الصلاة مما أحدثها أصحاب الطريقة التيجانية، وهي فيها أشياء ما نرى فيها مانعًا، فإنه الفاتح لما أغلق من جهة النبوة؛ لأن النبوة كانت أولاً قد انتهت بعيسى -عليه السلام- ثم فتح الله ذلك على يده -صلى الله عليه وسلم- ثم أنزل عليه الرسالة، وأمره أن يبلغ الناس -عليه الصلاة والسلام- لكن في هذا إجمال.
وأما الخاتم لما سبق: فهو خاتم الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- وهو ناصر الحق بالحق، والهادي إلى الصراط المستقيم، كل هذا حق، لكن استعمال هذه الصيغة التي أحدثها التيجانيون أمر لا ينبغي، بل الواجب تركها وعدم استعمالها؛ لأنها إحياء لشيء لا أصل له، وفيما بيَّنه النبي -صلى الله عليه وسلم- من الصيغ ما يشفي ويكفي، فإنه -صلى الله عليه وسلم- عندما سئل: كيف نصلي عليك؟ قال -عليه الصلاة والسلام-: (قولوا: اللهم صلِّ على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد).
وهذه صيغة عظيمة شافية كافية، وهناك صيغ أخرى أرشد إليها -عليه الصلاة والسلام- منها: (اللهم صلِّ على محمد، وعلى أزواجه وذريته، كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى أزواجه وذريته، كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد)، ومنها الصيغة الأخرى: (اللهم صلِّ على محمد، وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم في العالمين، إنك حميد مجيد)، وهناك صيغ أخرى، فما صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- استعمل، وهو الأفضل والأولى من هذه الصيغة التي أحدثها التيجانيون.
والمؤمن يستعمل الصيغة الشرعية التي استعملها النبي -صلى الله عليه وسلم- والصحابة، وأرشد إليها النبي -صلى الله عليه وسلم- في تعليمه؛ اتباعًا له -صلى الله عليه وسلم- وطاعة لأمره، وتأسيًّا به وبأصحابه -رضي الله عنهم وأرضاهم-، هذا هو الذي ينبغي للمؤمن، وألا يعتنق صيغة أحدثها من ابتدع في الدين.
ثم -أيضًا- كونهم يتعاطون ذلك ويجهرون بذلك بعد الصلاة، فهذا بدعة أخرى، ولو بالصيغة الثانية، فكونهم يتعاطون هذا بعد الصلاة ويرفعون أصواتهم بالصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- فهذا ليس له أصل، سواء بهذه الصيغة أو بغيرها، وإنما يصلي الإنسان بينه وبين نفسه على النبي -صلى الله عليه وسلم-. انتهى.
والله أعلم.