عنوان الفتوى : أحكام عقد التوريد والمناقصات
بارك الله فيكم، وجزاكم الله عنا كل خير.أنا مدير مبيعات، في شركة خاصة بتوريد الكمبيوتر، والطابعات وملحقاتها، تتصل بنا الكثير من الشركات العامة، والوزارات، والقطاعات العامة، والشركات النفطية، والشركات الخدمية الخاصة، والعامة؛ من أجل توفير أجهزة كمبيوتر، وطابعات وملحقاتها .... إلخ. بمواصفات معينة، ويطلب منا تقديم عرض مبدئي، فنقوم بعد الاتصال بالشركات المصنعة، أو الوكلاء الإقليميين للشركة المصنعة، بمعرفة سعر المادة المطلوبة (جهاز -طابعة)، ومدة التوريد إلى ليبيا، وبعد ذلك نقوم بتقديم عرض مبدئي للزبون، في المواد المطلوبة منا، يحتوي على الكمية، والسعر (تكلفة هامش الربح) ووصف دقيق للمادة (PART NO)، ومدة التوريد، مع الضمان لمدة سنة على عيوب التصنيع، ثم يتم فتح مظاريف الشركات التي تقدمت بعروض مبدئية من قبل الزبون، والأفضل يفوز (مناقصة)، وإذا فازت شركتنا بالمناقصة، يتم تكليفنا رسميًا عن طريق خطاب كتابي من الزبون، بتوفير المواد المطلوبة، وفق العرض المبدئي من طرفنا، في المدة الزمنية المنصوص عليها في العرض المبدئي.وعند حصولنا على التكليف من الزبون، نبدأ في إجراءات الشراء، والتوريد إلى ليبيا، ومدة التسليم قد تكون نفس المدة المنصوص عليها في عرضنا المبدئي، وقد تقل، وقد تزيد على حسب الظروف، وفي الأغلب لا تواجهنا أية مشاكل مع الزبون، وبعد ذلك يتم تسليم المواد المطلوبة للزبون، مع الفاتورة النهائية مصدقة من الضرائب. فهل هذا البيع حرام؟ لأنه بيع ما لا تملك؟ وإن كان هذا البيع محرمًا، فما هو البديل؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فهذه المعاملة لا تخرج عن عقود التوريد، والمناقصات، وقد صدر قرار عن مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دورته الثانية عشرة بالرياض عام 1421هـ / 2000م . بشأن موضوع عقود التوريد والمناقصات.
ومما جاء فيه:
أولا: عقد التوريد: عقد يتعهد بمقتضاه طرف أول، بأن يسلم سـلعا معلومة، مؤجلة، بصفة دورية، خلال فترة معينة، لطرف آخر، مقابل مبلغ معين مؤجل كله، أو بعضه.
ثانيا: إذا كان محل عقد التوريد سلعة تتطلب صناعة، فالعقد استصناع، تنطبق عليه أحكامه. وقد صدر بشأن الاستصناع قرار المجمع رقم 65 (3/7).
ثالثا: إذا كان محل عقد التوريد سلعة لا تتطلب صناعة، وهي موصوفة في الذمة، يلتزم بتسليمها عند الأجل، فهذا يتم بإحدى طريقتين:
أ- أن يعجل المستورد الثمن بكامله عند العقد، فهذا عقد يأخذ حكم السلم، فيجوز بشروطه المعتبرة شرعا المبينة في قرار المجمع رقم 85(2/9). ب- إن لم يعجل المستورد الثمن بكامله عند العقد، فإن هذا لا يجوز؛ لأنه مبني على المواعدة الملزمة بين الطرفين. وقد صدر قرار المجمع رقم 40 و 41 المتضمن أن المواعدة الملزمة تشبه العقد نفسه، فيكون البيع هنا من بيع الكالئ بالكالئ.
أما إذا كانت المواعدة غير ملزمة لأحد الطرفين، أو لكليهما، فتكون جائزة، على أن يتم البيع بعقد جديد، أو بالتسليم. اهـ.
فحسب ما ورد في قرار المجمع، وحيث إن الظاهر من السؤال أن تسليم الزبون الثمن إليكم لا يتم إلا عند تسلمه للأجهزة التي لم تكن موجودة عند العقد؛ فإن البيع المذكور غير جائز، والبديل الشرعي عن ذلك أن يكون عقد الشراء بينكم وبين الزبون غير ملزم، بل هو مجرد وعد بالشراء من غير إلزام، كما جاء التنصيص على هذا في قرار المجمع المذكور سابقاً. وراجع الفتويين: 40793، 144577، وإحالاتهما.
يقول الدكتور عبد الوهاب أبو سليمان: إن عقد التوريد ليس من قبيل بيع الدين بالدين، ذلك أن الدين شغل ذمة أحد المتبايعين للآخر بدين، وليس هذا في عقد التوريد من الدين بشيء، وإنما هو في حدود الاتفاق، والوعد لا يتجاوزهما العقد، فمن ثم يظل العقد جائزا، قابلا للفسخ حتى يتم تسليم المبيع، ومقتضى هذا العقد (عقد التوريد) تأجيل دفع الثمن حتى يتم تسليم البضاعة، إلا أن يكون المشتري متطوعا بتقديمه اختيارا. اهـ.
فننصح -إن كان الثمن لا يسلم إلا عند التوريد- بأن يتم ذلك بالمواعدة غير الملزمة.
والله أعلم.