عنوان الفتوى : حدود وأحكام الضيافة للأقارب وغيرهم
صديق سألني عن أخي أو والد زوجته أنه يكون عندهم لعدة أيام مع أنهم أحسن حالا من الجهة المادية من زوج أختهم؛ مما اضطر إلى كرههم، ولكن لا يستطيع أن يعلمهم بذلك محافظة على شعور زوجته. فما حكمهم؟ أرجو الرد بالإيميل.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالضيافة في الإسلام ثلاثة أيام، وما زاد على ذلك فهو صدقة، كما ثبت في الصحيحين قَوْلُهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (الضِّيَافَةُ ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ، فَمَا زَادَ فَصَدَقَةٌ). وفي صحيح مسلم: (ولا يحل لرجل مسلم أن يقيم عند أخيه حتى يؤثمه، قالوا: يا رسول الله، وكيف يؤثمه؟ قال: يقيم عنده ولا شيء له يُقرِيه به). قال النووي -رحمه الله- في شرح مسلم: وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "ولا يحل له أن يقيم عنده حتى يؤثمه" معناه: لا يحل للضيف أن يقيم عنده بعد الثلاث حتى يوقعه في الإثم؛ لأنه قد يغتابه لطول مقامه، أو يعرض له بما يؤذيه، أو يظن به ما لا يجوز، وقد قال الله تعالى: اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم. وهذا كله محمول على ما إذا أقام بعد الثلاث من غير استدعاء من المضيف، أما إذا استدعاه وطلب زيادة إقامته أو علم أو ظن أنه لا يكره إقامته: فلا بأس بالزيادة؛ لأن النهي إنما كان لكونه يؤثمه، وقد زال هذا المعنى والحالة هذه. انتهى.
وبناء على ذلك؛ فأب الزوجة أو أخوها أو غيرهما من الأقارب لا يجوز لهم البقاء هذه المدة الطويلة في بيت زوج ابنتهم إذا كان ذلك يضره أو لم يأذن لهم في البقاء. وراجع الفتوى رقم: 35629.
وإذا كان للزوج أن يمنع والدي الزوجة من زيارتها في بيت زوجها مع حصول الضرر، فالضيافة عدة أيام أولى بالمنع إذا كان فيها ضرر أو لم يأذن فيها الزوج، وغير الأبوين أولى بالمنع منهما. قال الرحيباني في مطالب أولي النهى: (وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ: الزَّوْجِ (مَنْعُهَا) أَيْ: الزَّوْجَةِ (مِنْ كَلَامِهِمَا) أَيْ: أَبَوَيْهَا (وَلَا مَنْعُهُمَا مِنْ زِيَارَتِهَا)؛ لِأَنَّهُ لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ (إلَّا مَعَ ظَنِّ) حُصُولِ (ضَرَرٍ يُعْرَفُ بِقَرَائِنِ الْحَالِ) بِسَبَبِ زِيَارَتِهِمَا، فَلَهُ مَنْعُهُمَا إذَنْ مِنْ زِيَارَتِهَا؛ دَفْعًا لِلضَّرَرِ. انتهى.
وللفائدة يرجى مراجعة هاتين الفتويين: 70321، 113056.
والله أعلم.