عنوان الفتوى : حـقـوق الـضـيـف
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ما هو حق الضيف؟ هل يعتبر الذي يريد أن يسكن معك من غير المحارم والذين تجب عليك نفقتهم ضيفا؟ وجزاكم الله خيرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن حق الضيف إكرامه يومًا وليلة، فإن أطال الإقامة أكثر من ذلك، فليواصل مضيفه إكرامه يومين بعد ذلك، فإن زادت مدة إقامته على ثلاثة أيام كانت ضيافته بعد ذلك صدقة، إلا أنه لا ينبغي للضيف أن يطيل الإقامة عند أخيه حتى يحرجه ويكلفه ما ليس عنده. ويدل لهذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: ليلة الضيف حق واجب على كل مسلم. رواه البخاري في الأدب المفرد، وصححه الألباني. وقوله صلى الله عليه وسلم: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحسن قِرَى ضيفه. قيل: وما قرى الضيف؟ قال: ثلاثة، فما كان بعد فهو صدقة. رواه أبو يعلى وقال الشيخ حسين أسد : إسناده صحيح. وفي الحديث: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه جائزته. قال: وما جائزته يا رسول الله؟ قال: يوم وليلة، والضيافة ثلاثة أيام، فما كان وراء ذلك فهو صدقة عليه. رواه البخاري ومسلم. وفي رواية لمسلم : ولا يحل لرجل مسلم أن يقيم عند أخيه حتى يؤثمه، قالوا: يا رسول الله وكيف يؤثمه؟ قال: يقيم عنده ولا شيء له يقريه به. وقد فسر الخطابي الحديث فقال: يتكلف له في اليوم الأول ما اتسع له من بر وألطاف، ويقدم له في اليوم الثاني ما كان بحضرته ولا يزيد على عادته، فما جاوز الثلاث فهو معروف وصدقة إن شاء فعل وإن شاء ترك. وقد رجح كثير من المحققين منهم ابن رجب وابن حزم والشوكاني في النيل، وأبو الطيب الأبادي في عون المعبود مذهب الإمام أحمد والإمام الليث في وجوب إكرام الضيف، وعمدتهم هذه الأوامر المتكررة في الأحاديث السابقة. ويؤكد ذلك ما في الحديث من إباحته صلى الله عليه وسلم للضيف أن يأخذ قراه من دون إذن من نزل عليهم؛ ففي الحديث: إن نزلتم بقوم فأمروا لكم بما ينبغي للضيف فاقبلوا، فإن لم يفعلوا، فخذوا منهم حق الضيف الذي ينبغي لهم. رواه البخاري ومسلم. وفي الحديث: أيما ضيف نزل بقوم فأصبح الضيف محروما، فله أن يأخذ بقدر قراه، ولا حرج عليه. رواه الحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنه، ووافقه الذهبي والألباني. وقد ذكر النووي في شرح مسلم والباجي في المنتقى، وابن حجر في الفتح، أن الجمهور لم يوجبوا الضيافة، بل قالوا بسنيتها. وروي عن أحمد أنه لا يجب إلا اليوم الأول، لما في الحديث من الفرق بين الجائزة والضيافة، ذكره المرداوي في الإنصاف، وابن رجب في جامع العلوم والحكم. وروي عن مالك وأحمد أنها مخصوصة بغير أهل الحضر. قال ابن عبد البر : الضيافة حق على أهل البادية والحاضرة عند الشافعي، وخصها مالك بغير أهل الحضر. وقال سحنون : الحضري لا تجب الضيافة عليه لوجود المطاعم والفنادق. وقال البهوتي في كشاف القناع: لا تجب الضيافة في الأمصار؛ لأنه يكون فيها السوق والمساجد، فلا يحتاج مع ذلك إلى الضيافة بخلاف القُرى، فإنه يبعد فيها البيع والشراء، فوجبت ضيافة المجتاز. ومهما يكن من الخلاف في الحضر فإنه ينبغي الاعتناء بالضيافة؛ لأنها سنة إبراهيم عليه السلام، وقد أُمرنا باتباعه. ولما في القيام بها من حفظ العرض ومن زيادة التحابب بين الناس، ومن الإحسان إلى ابن السبيل، ولا يعتبر من يريد السكن معكم ضيفًا، ولكن ما يقدم له من الإكرام يعتبر صدقة لما في حديث الصحيحين السابق: فما كان وراء ذلك فهو صدقة. ويجب عليه إذا رغب أو رغبتم في سكنه معكم أن يبتعد عن الدخول على النساء الأجنبيات، ولا سيما في حال انفراد الواحدة منهنَّ؛ لما في حديث الصحيحين: إياكم والدخول على النساء. فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله، أفرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت. ولما في حديث الصحيحين: لا يخلونّ رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم. ويجب على المرأة أن تمنعه من الدخول عليها، لما في الحديث: فَاتّقُوا اللّهِ فِي النّسَاءِ. فَإِنّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنّ بِأَمَانِ اللّهِ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنّ بِكَلِمَةِ اللّهِ. وَلَكُمْ عَلَيْهِنّ أَنْ لاَ يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَداً تَكْرَهُونَهُ. رواه مسلم. والله أعلم.