عنوان الفتوى : أقوال العلماء فيمن تزوج ينوي مدة معينة يطلق بعدها
السلا م عليكم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلم أنه متى تم اشتراط مدة معينة في عقد النكاح، ينفسخ العقد بعدها، فالنكاح باطل باتفاق الأئمة، لأن هذا هو نكاح المتعة الذي حرمه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
كما في صحيح مسلم وسنن ابن ماجه وغيرهما عن الربيع بن سبرة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيها الناس إني قد كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء، وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة..... ولأن التأجيل يخل بمقصود النكاح من المودة والرحمة والسكن، ويجعل الزوجة بمنزلة المستأجرة.
واختلف العلماء فيمن تزوج وهو ينوي مدة معينة يطلق بعدها هل يصح؟ على أقوال:
الأول: أن النكاح لا يصح والحالة هكذا، وهو الصحيح المنصوص عليه في مذهب الحنابلة قياساً على نكاح المتعة في عدم الصحة، نُقِلَ في الفروع ومطالب أولي النهى، وكشاف القناع والفتاوى الكبرى لشيخ الإسلام، عن أحمد من رواية أبي دواد: قولُه: هو شبيه بالمتعة، لا، حتى يتزوجها على أنها امرأته ما حييت.
ونقل شيخ الإسلام في الفتاوى الكبرى: أن أحمد قال في رواية عبد الله: إذا تزوجها وفي نيته أن يطلقها أكرهه هذه متعة... ثم قال شيخ الإسلام: وهذا يبين أن هذه كراهة تحريم لأنه شبهه بالمتعة والمتعة حرام عنده.
الثاني: أن النكاح صحيح، وإليه ذهب الحنفية ولأن إضمار التأقيت في النكاح لا يؤثر في صحته ولا يجعله مؤقتاً، فله تزوجها وفي نيته أن يمكث معها مدة نواها، فالنكاح صحيح، لأن التأقيت إنما يكون باللفظ، قال في كنز الدقائق: ولو تزوجها مطلقاً، وفي نيته أن يقعد معها مدة نواها فالنكاح صحيح.
وذهب المالكية إلى أن التأقيت إذا لم يقع في العقد، ولم يُعْلِمْها الزوج بذلك، وإنما قصده في نفسه، وفهمت المرأة أو وليها المفارقة بعد مدة فإنه لا يضر. ونقل في فتح العلي المالك عن الإمام مالك في الذي يتزوج المرأة مدة ثم يفارقها إذا سافر -مثلاً- أي ينوي فراقها إذا سافر إذا أعلمها بذلك فسد، وإن لم يعلمها وفهمت ذلك جاز. انتهى
وإليه ذهب ابن قدامة من الحنابلة، جاء في المغني أنه: إن تزوجها بغير شرط، إلا أن في نيته طلاقها بعد شهر، أو إذا انقضت حاجته في هذا البلد، فالنكاح صحيح في قول عامة أهل العلم إلا الأوزاعي، قال: هو نكاح متعة.
الثالث: الكراهة وإليه ذهب الشافعية، لأن كل ما لو صرح به أبطل يكون إضماره مكروها عندهم، ومما يحتج به لمذهب الحنابلة أنه لو تم بعلم المرأة أو وليها فلا فرق بينه وبين نكاح المتعة المحرم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين: إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى.
وإن كان بدون علم المرأة أو وليها فهو غش إذ لو علموا لم يزوجوه، وقد قال صلى الله عليه وسلم: من غش فليس مني. رواه مسلم.
وقال: لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه. متفق عليه.
ولا شك أن هذا احتجاج وجيه.. فلا أقل من أن يكون الموضوع محل شبهة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يراعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه. من رواية النعمان بن بشير.
والله أعلم.