عنوان الفتوى : الحركة اليسيرة في الصلاة لا تنافي الطمأنينة
أشكركم جزيل الشكر على ما علمتمونا، وأسأل الله ربي أن يقبل شهادتي، فأشهد لكم يوم القيامة بالخير -إن شاء الله-. قرأت عن الطمأنينة في الصلاة، ومما فهمته: أنه سكون بغرض فصل الركن عن الركن الذي يليه. فهل هذا صحيح؟ ولكن ربما وأنا راكع يستقر ظهري، ولكن يتحرك مفصل ركبتي للأمام أو الخلف، ويشق على أن أتجمد في مكاني، فلا يهتز ظهري ولا ساقي! كما أنني رأيت الإمام يركع، ويهتز في مكانه يمينا ويسارا، وإلى الأمام والخلف، ولكن بغير أن تتحرك قدماه من مكانهما. فهل صلاتي خلفه صحيحة؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاهتزاز الجسم اهتزازًا يسيرًا لا ينافي الطمأنينة؛ كما بينا بالفتويين: 228832، 124229.
وينبغي للإنسان أن يعوّد نفسه السكون في الصلاة؛ روى مسلم عن جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: «مَا لِي أَرَاكُمْ رَافِعِي أَيْدِيكُمْ كَأَنَّهَا أَذْنَابُ خَيْلٍ شُمْسٍ؟ اسْكُنُوا فِي الصَّلَاةِ».
قال النووي في شرح مسلم: قوله -صلى الله عليه وسلم-: (ما لي أراكم رافعي أيديكم كأنها أذناب خيل شمس؟) هو بإسكان الميم وضمها، وهي التي لا تستقر، بل تضطرب وتتحرك بأذنابها وأرجلها... وفيه الأمر بالسكون في الصلاة، والخشوع فيها، والإقبال عليها. اهـ
وقال ابن تيمية -رحمه الله- في مجموع الفتاوى: بل قوله "اسكنوا" يقتضي السكون في كل بعض من أبعاض الصلاة، وذلك يقتضي وجوب السكون في الركوع والسجود والاعتدالين. فبين هذا أن السكون مشروع في جميع أفعال الصلاة بحسب الإمكان. ولهذا يسكن فيها في الانتقالات التي منتهاها إلى الحركة; فإن السكون فيها يكون بحركة معتدلة لا سريعة، كما أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- في المشي إليها. وهي حركة إليها فكيف بالحركة فيها؟! انتهى.
ومع هذا؛ فالحركة اليسيرة المشار إليها في السؤال لا تنافي الطمأنينة، كما تقدم، لا سيما إذا كانت لا إرادية -كما هو ظاهر السؤال-.
والله أعلم.