عنوان الفتوى : الاستفادة من تمارين التنفس والاسترخاء للخشوع في الصلاة
أريد أن أصل لأعلى مرحلة من الهدوء والاسترخاء في الصلاة، وأستفيد أقصى استفادة منها، فهل أستطيع أن أقوم بتمرينات التنفس، التي تساعد على الاسترخاء والتركيز أثناء صلاتي، وتلاوة القرآن أثناء الصلاة؟ فمثلًا أقرأ أول آية من الفاتحة، ثم آخذ نفسًا بهدوء، وأركز في دخول النفس من أنفي وخروجه، ثم أقرأ الآية الثانية، ثم آخذ نفسًا بهدوء، وأركز في دخول النفس من أنفي وخروجه ...وهكذا). وأثناء التشهد أيضًا أقول جزءًا من التشهد، ثم آخذ نفسًا بهدوء، وأركز في دخول النفس من أنفي وخروجه، وهكذا في كل أجزاء الصلاة، فهل في ذلك خطأ؟ لأن ذلك سيساعدني على الاسترخاء والهدوء. ملحوظة: تمرينات التنفس هذه آخذها من اليوجا، وتمرينات التأمل الهندية، وقد قرأت ضوابط هذه التمرينات على موقعكم، وقد قمت بتجريد هذه التمرينات من أية عقائد، أو طقوس ملوثة باطلة، فأنا أقوم بهذه التمرينات للاستفادة من فوائدها. هناك نقطة أخرى أو تكنيك آخر أقوم به، وهو الصمت، بمعنى وأنا ساجد أقول: سبحان ربي الأعلى، ثم أصمت فترة وأنا ساجد، أقوم فيها بالتركيز على تنفسي، أو أركز على شعوري بجبهتي على الأرض، أو أركز على عقلي، وأحاول أن أهدئه، وهكذا وأنا راكع. آخر تكنيك أعمله هو تركيزي الكامل على الإحساس، فيمكن ألا أكون مركزًا على ما أقول، بل أركز على إحساس الهدوء أو السكينة، أو أي إحساس أحس به سواء في جسمي، أم في عقلي، أم أحاول أن أركز على أني أصنع هذا الإحساس، فهل يوجد اعتراض على ما قلت؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالصلاة من أجل العبادات، وأعظم القربات، ولنا في كيفية إقامتها أسوة حسنة في رسول الله صلى الله عليه وسلم، القائل: صلوا كما رأيتموني أصلي. رواه البخاري. والقائل: إن في الصلاة لشغلًا. رواه البخاري.
قال الطيبي في شرح المشكاة: لأنها مناجاة مع الله تبارك وتعالي، واستغراق في خدمته، فلا يصح الاشتغال بالغير. اهـ.
وقال ابن رجب في شرح صحيح البخاري: لاشتغاله بما هوَ فيهِ من الإقبال على مناجاة الله عز وجل، فلا ينبغي لهُ أن يتشاغل بغيره، ما دام بين يديه. اهـ.
ولا يخفى مدى التعارض بين هذا المعنى، وبين الحال التي يسأل عنها السائل، حيث الانشغال بتمرينات التنفس، وأساليب التركيز والاسترخاء!!!
والسنة في الصلاة: الانشغال بمعاني ما فيها من الأذكار المشروعة في أركانها المتعددة، من: التلاوة، والتكبير، والتسبيح، والتهليل، والتحميد، والدعاء، والاستغفار، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، والاستغراق في دلالات هيئاتها المشروعة، من: القيام، والركوع، والسجود، والجلوس، هذا كله مع مراقبة الله تعالى، والاجتهاد في الوصول لمرتبة الإحسان؛ ليعبد الله كأنه يراه، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله ينصب وجهه لوجه عبده في صلاته، ما لم يلتفت. رواه أحمد، والترمذي، وصححه ابن خزيمة، والألباني. فأين هذا من الصمت، أو التركيز على التنفس، وتمارين الاسترخاء؟!
والانتفاع بالصلاة والوصول فيها لأعظم المراتب، لا يكون بهذه الطرق التي ذكرها السائل، وإنما يكون بالعلم النافع، والعمل الصالح، فيجتهد المسلم في تعلم كيفية الصلاة، والخشوع، والقنوت فيها، من خلال نصوص الوحي، وكلام أهل العلم، ثم يجاهد نفسه لامتثال ما عرف، والعمل بما علم.
وأما هذه الطرق، ففي استعمالها خارج الصلاة متسع، وانظر الفتويين: 327469، 309163.
والله أعلم.