حلم (وهم) الاستقرار
مدة
قراءة المادة :
3 دقائق
.
هذا الحلم الذي استطاع إبليس اللعين أن ينفذ منه إلى نفس أبينا آدم عليه السلام {شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَىٰ} [طه من الآية:120].. أي وضعٌ رائع ومستقر لا يتغير.هذا الحلم الذي يتكئ عليه الطغاة لإبقاء الأوضاع الفاسدة كما هي ولصدّ كل أفعال المصلحين {إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ} [غافر من الآية:26].. يقول فرعون إني أخاف أن يظهر الفساد في الأرض المستقرة والأوضاع الهادئة.. وبالرغم من سوء الأحوال الموجودة صدّقه الناس وخافوا فعلا على الاستقرار.هذا الحلم الذي إذا اقتربت منه النفسُ البشرية ولو اقترابا وهميا تفزع من تَغيّره، وبالتالي عندما يُطلب منها أي عمل تظن النفس أنه سوف يؤثر على استقرارها فتهرب منه.ولذلك كثُر الكلام عن الجهاد والبذل للدين في السور المدنية لأنها (المرحلة المدنية) كانت وضعا مستقرا بخلاف الوضع المكي الصعب الذي يُحفز النفس دائما على البذل ولا تخشى من خسارة شيء فيه.وأيضا طَلَب منك الشرع تَذكُر الجهاد دائما حتى عند غياب واقعه ولو بتحديث النفس به.فكلما التصقت النفس بالأرض وتفننت في تحقيق أوضاع استقرارها ورضيت بشهواتها كلما صعُب عليها النفير لنصرة الدين.
فاستجابة الأشعث الأغبر الذي يكون على متن فرسه أسرع وأسهل بكثير من استجابة الغارق في الرفاهية.
ومن هنا تظهر خطورة بعض الخطابات الدينية (المُخدِّرة) التي تصرف النفس عن قضية الصراع بين الحق والباطل وعن أهمية الاستعداد للبذل لنصرة الدين في وقت اجتمعوا فيه ليطفئوا نور الله والله متم نوره.وأخيرا: لاتُغرِقْ في الرفاهية و أجمِل في الطلب وابتعد عن أوقات الفراغ وأكثر من تلقي القرآن فهو كفيلٌ بتجديد هذه المعاني في صدرك كلما بَلِيت وخفُتت.{فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ} [الشرح:7]. المصدر: صفحة الدكتور على موقع "فيسبوك".