عنوان الفتوى : حكم سب وقذف الكافر الذي يتطاول على الدين أو يسب سيد المرسلين
ما حكم من يقوم بسب مسيحي أو يهودي أو حتى وثني، واتهامه بأنه ابن زنا؟ وهل يطبق عليه حد القذف، حتى وإن كان هذا المسيحي أو اليهودي أو الوثني تطاول على الدين الحنيف، وخاض في سيرة النبي الشريف؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسب الكافر -محاربا أو غير محارب- تقدم حكمه مفصلًا في الفتوى رقم: 138173.
وليس في قذفه حد مطلقًا، لقول الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ {النور:23}، ولقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث الموبقات السبع: (..وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات) متفق عليه.
ولكن فيه التعزير؛ جاء في الشرح الممتع على زاد المستقنع: ولو قذف كافرًا -ولو ذميًّا- يعزر. اهـ.
وإذا كان الحد -كما رأيت- ساقطًا عن من قذف الكافر الذي لا يسب الدين، ولا يتطاول على الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم-، فسقوطه في حق من قذف الكافر الذي يسب الدين، ويطعن في النبي -صلى الله عليه وسلم-، أولى وأحرى.
وقد قرر العلماء أن الذمي أو المعاهد إذا سب الدين، أو طعن في النبي -صلى الله عليه وسلم-، أو ما شابه؛ فقد نقض العهد بذلك، واستحق القتل؛ جاء في الصارم المسلول على شاتم الرسول: .. وإن كان ذميا فإنه يقتل أيضًا في مذهب مالك، وأهل المدينة، وسيأتي حكاية ألفاظهم، وهو مذهب أحمد، وفقهاء الحديث. وقد نص أحمد على ذلك في مواضع متعددة، قال حنبل: "سمعت أبا عبد الله يقول: "كل من شتم النبي -صلى الله عليه وسلم- أو تنقصه -مسلما كان أو كافرا- فعليه القتل، وأرى أن يقتل ولا يستتاب". قال: وسمعت أبا عبد الله يقول: "كل من نقض العهد وأحدث في الإسلام حدثا مثل هذا، رأيت عليه القتل، ليس على هذا أعطوا العهد والذمة". وكذلك قال أبو الصفراء: "سألت أبا عبد الله عن رجل من أهل الذمة شتم النبي، ماذا عليه؟ قال: إذا قامت عليه البينة يقتل من شتم النبي -صلى الله عليه وسلم-، مسلما كان أو كافرا". رواهما الخلال. اهـ.
وحيث قلنا إنه يستحق القتل. فلا يعني هذا أنه يقتله من سمعه من أفراد المسلمين؛ فإن مثل هذه الأحكام من اختصاص المحاكم الشرعية، وليس لأحد سواها أن ينفذها.
أما ما يجب على الأفراد القيام به تجاه ذلك الكافر الساب: فقد بيناه في الفتوى رقم: 117038.
والله أعلم.