عنوان الفتوى : التخلف عن صلاة الجماعة تحت ضغط تهديد الأب
أنا شاب عمري 15 عاما ونصف، متدين وملتزم بجميع الصلوات بالمسجد -والحمد لله-، ولكن أبي حلف علي عدة أيمان ألا أدخل المسجد، وإن دخلته ألا يدخلني البيت، وإن أدخلتني أمي البيت أو تدخلت بالموضوع أن يخرجها أيضا من البيت، وكل هذا لأن مؤذن هذا المسجد له سمعة سيئة، وكان أبي قد رآني مرة معه، وضربني وحلف علي -كما قلت لكم-. أنا صبرت أسبوعا، ثم ذهبت للصلاة ولم يرض أن يدخلني البيت إلا عندما أتيت له بالشيخ في البيت ليتوسط لي، وأبي لا يصلي إلا بالبيت، وعرضت عليه أن أصلي في مسجد آخر، ولكنه لم يقبل، وبعد ذلك سمح لي أن أذهب للمسجد ما عدا الفجر مع أن المسجد ليس بينه وبين بيتنا سوى متر واحد. فهل يجب أن أذهب للمسجد؟ مع العلم أن أهل أمي وأبي يسكنون في مدن بعيدة عنا، وليس عندي مأوى إن طردني. وآسف على الإطالة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنشكرك على استقامتك على طاعة ربك، وحرصك على أداء الصلاة في جماعة، فجزاك الله خيرًا، ونسأله -عز وجل- أن يزيدك هدى وتقى وصلاحًا، وأن يرزقك الثبات على الحق حتى الممات بمنه وفضله وكرمه سبحانه.
وقد سبق أن بينا بالفتوى رقم: 11306 أن صلاة الجماعة واجبة على الراجح من أقوال الفقهاء؛ فلا يجوز التخلف عنها إلا لعذر. فإن غلب على ظنك أن لا يلحقك ضرر من هذا الوعيد الذي توعدك به أبوك فلا يجوز لك التخلف عن صلاة الجماعة، ولا طاعة لمخلوق في معـصية الله تعـالى, وراجع الفتوى رقم: 23297. وأما إن غلب على الظن حصول ضرر عليك فلا حرج عليك في التخلف عنها، واجتهد في محاولة إقناع والدك بأن تذهبا معًا إلى المسجد لصلاة الفجر وغيرها من الصلوات، أو على الأقل أن يسمح لك بأدائها في المسجد. وانظر الفتوى رقم: 26775. ويمكنك في هذه الحالة أن تصلوا جماعة في بيتكم حتى ييسر الله لك موافقة والدك، خاصة وأن الحنابلة -وهم قد ذهبوا إلى وجوب صلاة الجماعة- نصوا على جواز أدائها جماعة في البيت -أي: ويسقط بها إثم التخلف عن الجماعة- مع كونها في المسجد أفضل، جاء في حاشية الروض المربع في الفقه الحنبلي: وله فعلها -أي: الجماعة- في بيته؛ لعموم حديث: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا"، وفعلها في المسجد هو السنة... اهـ.
والله أعلم.