عنوان الفتوى : خطوات إصلاح الزانية، ومسؤولية وليها عنها
مشكلتي هي أختي، أختي كانت متزوجة وطلقت من فترة، وللأسف بدأت منذ سنوات بالسير في طريق الخطأ، فعندما كانت متزوجة كانت تقيم علاقة مع شخص وتزني معه، وبعد طلاقها استمرت في الزنا مع هذا الشخص وحملت منه وأجهضت الجنين، وبعد طلاقها أقامت في منزل لوحدها واستمرت في الزنا، ولكن هذا الأمر أصبح أشبه بالعمل لديها، أصبح عملها الدعارة! والعائلة كلها تعيش في بلد، وهذه الأخت تعيش في بلد آخر، وترفض أن تأتي لتسكن معنا في البلد الذي نعيش فيه، ونحن لا نستطيع الذهاب إلى بلدها بسبب ظروف خارجة عن إرادتنا، سؤالي هو هل نحن مسئولون أمام الله عنها، ويجب علينا مساعدتها في تكاليف المعيشة والسكن على الرغم من هذا السلوك الذي تسلكه ورفضها للقدوم والعيش معنا والعيش بما يرضي الله؟ وما الحل مع مثل هذه الأخت؟ ماذا يمكن أن نفعل معها؟ هي لا تهتم لأحد حتى لأولادها الذين يعيشون معها في نفس البلد، ولكن مع طليقها، عندما أقول لأهلي أنه يجب علينا جميعا مقاطعتها والتبرؤ منها يقولون لا، لعل الله يهديها، على الرغم من أنها لم تبد أي مؤشرات للهداية أو الندم على ما فعلته، بل على العكس هي مجاهرة ومكابرة بالمعاصي، وتزني منذ سنين حتى عندما كانت متزوجة! ما الحل الشرعي معها؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرته عن أختك من اتخاذ الأخدان، والوقوع في الزنا والفجور، وجرأتها في ذلك ومجاهرتها به، لهو أمر خطير وشر مستطير، ويعظم الأمر بما ذكر من إقدامها على الإجهاض، فهذه ظلمات بعضها فوق بعض، وأختك على خطر عظيم إن لم يتداركها الله برحمته. وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 24284، 26237، 2016.
فأول ما نوصيكم به الدعاء لها، وخاصة من قبل والديها، فدعاء الوالدين لولدهما مستجاب، روى ابن ماجه ـ وحسنه الألباني ـ عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاث دعوات يستجاب لهن لا شك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد لولده. ويجب بذل النصح لها، وليكن ذلك بأسلوب طيب ورفق ولين، فقد قال الله تعالى: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ {النحل:125}، وفي الصحيحين عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا عائشة؛ إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله. فإن انتفعت بالنصح وتابت إلى الله وأنابت فذاك، وإلا فلتهجر إن رجي أن ينفعها الهجر، وراجع الفتوى رقم: 14139.
ووليها هو المسؤول عنها فيجب عليه الحزم معها، والأخذ على يديها، فلا يترك لها الحبل على الغارب، فهو مسؤول عنها أمام الله يوم القيامة، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ {التحريم:6}، وثبت في الصحيحين عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته.
والله أعلم.