عنوان الفتوى : خطورة اللواط وهل يكفر فاعله
ما مدى صحة هذه الأحاديث: الأول: قال ابن عباس: «إن الرجل ليأتي الرجل، فتضج الأرض من تحتهما، والسماء من فوقهما، والبيت والسقف، كلهم يقولون: أي رب! ائذن لنا أن ينطبق بعضنا على بعض، فنجعلهم نكالاً ومعتبرًا، فيقول الله عز وجل: إنه وسعهم حلمي، ولن يفوتوني» والثاني: قال عباس الدوري: بلغني أن الأرض تعج من ذكر على ذكر. وقال ابن القيم -رحمه الله-: الجريمة التي تكاد الأرض تميد من جوانبها إذا عملت عليها، وتهرب الملائكة إلى أقطار السماوات والأرض إذا شهدوها، خشية نزول العذاب على أهلها، فيصيبهم معهم، وتعج الأرض إلى ربها. فما صحة هذه الآثار، رغم أنه لا وجود لها في كتب عن الصحابة، والتابعين، أو الرسول صلى الله عليه وسلم؟! وما صحة القول بأن عقوق الوالدين، والقتل، وترك صلاة واحدة، والزنا بحليلة الجار، أعظم من اللواط، رغم أن الفقهاء اختلفوا في توبة قاتل النفس العمد، ولم يختلفوا في توبة من يفعل اللواط؟ وهل يخرج صاحبه من الملة؟!
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فأما أثر ابن عباس -رضي الله عنهما- فقد رواه ابن الجوزي في ذم الهوى فقال: أَخْبَرَنَا ابْنُ مُنَازِلٍ، قَالَ: أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْخَلالُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ أَحْمَدَ الْهَاشِمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَليّ بن أَحْمد ابْن نُوحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ الرَّجُلَ لَيَأْتِي الرَّجُلَ، فَتَضِجُّ الأَرْضُ مِنْ تَحْتِهِمَا، وَالسَّمَاءُ مِنْ فَوْقِهِمَا، وَالْبَيْتُ، وَالسَّقْفُ كُلُّهُمْ يَقُولُونَ: أَيْ رَبِّ ائْذِنْ لَنَا أَنْ يَنْطَبِقَ بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ، فَنَجَعْلَهُمُ نِكَالا وَمُعْتَبَرًا، فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّهُ وَسِعَهُمْ حِلْمِي، وَلَنْ يَفُوتُونِي. انتهى.
وأما أثر عباس الدوري فقد وراه الآجري في ذم اللواط فقال: حدثني أبو عبد الله بن مخلد, قال: سمعت عباسا الدوري, يقول: بلغني أن الأرض تعج من ذكر على ذكر. انتهى.
ولم نقف على كلام أحد من أهل العلم المختصين من صحح هذين الأثرين، أو ضعفهما.
وأما كلام ابن القيم فقد ذكره في كتابه الداء والدواء دون أن ينسبه إلى أحد، فالظاهر أنه من كلامه.
وقد ذهب ابن القيم -رحمه الله- إلى أن عقوبة اللواط ومفسدته، تلي مفسدة الكفر.
قال في الداء والدواء: وقد اختلف الناس هل هو أغلظ عقوبة من الزنا، أو الزنا أغلظ عقوبة منه، أو عقوبتهما سواء؟ على ثلاثة أقوال:
فذهب أبو بكر الصديق، وعلى بن أبي طالب، وخالد بن الوليد، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عباس، وخالد بن زيد، وعبد الله بن معمر، والزهري، وربيعة بن أبي عبد الرحمن، ومالك، وإسحق بن راهويه، والإمام أحمد في أصح الروايتين عنه، والشافعي في أحد قوليه، إلى أن عقوبته أغلظ من عقوبة الزنا ... وحكاه غير واحد إجماعا للصحابة: ليس في المعاصي مفسدة أعظم من مفسدة اللواط وهي تلي مفسدة الكفر. انتهى.
والقول في عظم مفسدة معصية، وترجيحها على أخرى يراعى فيه المفاسد المترتبة على هذا الذنب.
ومن ترك صلاة متعمدا حتى خرج وقتها، ففي تكفيره خلاف بين أهل العلم، وعلى القول بالكفر، فهو ذنب أعظم من اللواط ولا شك.
وهذه الفاحشة لا تخرج من الملة إلا لمن استحلها.
والله أعلم.