عنوان الفتوى : الرؤيا مختلفة الأسباب
طلبت من الله أن يمن على برؤيا صالحة تشفيني وتطمئن قلبي من مشكله تعرضت لها، ومن الله علي برؤيا نطقت فيها الشهادتين مع رفع علامه التوحيد، فهل هذا يعد طمأنة لي فعلا وأني على خير؟. أرجو الإفادة شكرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس لنا انشغال بتعبير الرؤى، وحسبنا أن نرجو من الله أن تكون رؤياك بشرى منه؛ فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: لم يبق من النبوة إلا المبشرات، قالوا: وما المبشرات؟ قال: الرؤيا الصالحة. رواه البخاري.
وقال محمد بن واسع: الرؤيا بشرى للمؤمن ولا تضره.
قال القاري في المرقاة: قال السيوطي: أي: الوحي منقطع بموتي، ولا يبقى ما يعلم منه ما سيكون إلا الرؤيا، والتعبير بالمبشرات خرج مخرج الأغلب، فإن من الرؤيا ما تكون منذرة وهي صادقة يريها الله للمؤمن رفقا به، ليستعد لما يقع قبل وقوعه، (قالوا) أي: بعض الصحابة (وما المبشرات؟ قال: الرؤيا الصالحة)، أي: الحسنة أو الصادقة، وهي ما فيه بشارة أو تنبيه عن غفلة وأمثال ذلك.
لكن ننبهك على مسألة مهمة، وهي أن محل الرؤيا الاستئناس بها فيما لم يرد فيه حكم شرعي، وأما إن كان في الأمر حكم شرعي، فلا محل للرؤيا إلا إن وافقته، فهي مزيد تأكيد، وطمأنينة قلب، وانظري في ذلك الفتويين التالية أرقامهما: 38057، 36380.
فإن الرؤيا لا يُقطع كونها من الله، فقد تكون لسبب آخر؛ قال ابن الملقن في التوضيح: فإن قلت: قد يرى الرؤيا الحسنة أحيانًا ولا يجد لها حقيقة في اليقظة، فالجواب: أن الرؤيا مختلفة الأسباب، فمنها من وسوسة وتحزين للمسلم، ومنها من حديث النفس في اليقظة فيراه في نومه، ومنها ما هو وحي من الله، فما كان من حديث النفس ووسوسة الشيطان فإنه الذي يكذب، وما كان من قبل الله فإنه لا يكذب، وبنحو هذا ورد الخبر عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقد سلف حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ في تقسيم الرؤيا أنها ثلاث: بشرى، وحديث النفس، وتحزين من الشيطان. انتهى.
ولذلك لا يجوز اعتمادها في الأحكام كما قدمنا.
والله أعلم.