عنوان الفتوى : من بدع الصوفية المنكرة
إني أنتمي إلى فرقة صوفية قاديرية لنا شيخ يسمونه غوث الزمان ويقولون إنه على اتصال بالله وبالرسول ويستنجدون به فماذا أفعل؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا تخلو فرقة من فرق الصوفية اليوم من انحراف في العقيدة، وزيع عن الحق، ومخالفة للهدي، فتكثر فيهم الشركيات كدعاء غير الله، والاستغاثة بالأموات، واعتقاد النفع والضر فيمن يسمونهم أولياء. وكل هذه الأمور شرك أكبر يخرج معتقده عن الملة، لقول الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً [النساء:48].
وقال تعالى: قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً* قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلا رَشَداً* قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً [الجـن ].
واتخاذ الأولياء والشيوخ وسائط يدعونهم من دون الله ويتقربون إليهم بالقرب ويتمسحون بأضرحتهم لا يختلف عن شرك المشركين في عهد النبي صلى الله عليه وسلم.. إذ يقول الله تعالى حكاية عنهم وعن علاقتهم بأوثانهم: مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى [الزمر:3].
وربما كان هؤلاء في كثير من المواقف أشد شركا من أولئك؛ لأن المشركين الأوائل كانوا يدعون غير الله حال الأمن أما حال الخوف فيلجؤون إلى الله تعالى، قال الله عنهم: فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ [العنكبوت:65].
أما هؤلاء فيدعون ويستغيثون بغير الله تعالى في جميع الأحوال، هذا بالإضافة إلى ما عندهم من بدع ومحدثات أحدثوها في دين الله، وقد ثبت في الصحيح عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد.
ويُذاد أناس يوم القيامة عن حوض النبي صلى الله عليه وسلم، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: أمتي أمتي، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك.
فننصحك أن لا تنتمي إلى أي فرقة من فرق الصوفية، وأن تعتزلهم وتبذل النصح لمن تعرف منهم، فالدين النصيحة. وعليك أن تطلب العلم الشرعي على يد العلماء الموثوق في عقيدتهم وعلمهم لتعبد الله تعالى على علم وبصيرة بعيداً عن الشرك والبدع.
وتسمية الشيخ المذكور بغوث الزمان تسمية منكرة صادرة عن ذلك الاعتقاد الفاسد الذي يعطي مثل هؤلاء بعض خصائص الألوهية، وليعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وفاته قد انقطع عن الدنيا، وليس له اتصال بأحد، ولم يمت حتى اكتمل شرعه، قال الله تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً [المائدة:3].
فالاتصال برسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بالمنامات والرؤى المزعومة التي قد تبنى عليها كثير من العقائد الفاسدة، بل الاتصال به بالتمسك بهديه واقتفاء أثره والحذر من مخالفته، قال الله تعالى: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [النور:63].
وقال الله تعالى: وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا [النور:54].
ويمكن الاستزادة بالرجوع إلى الفتوى رقم:
8500 - والفتوى رقم: 596.
والله أعلم.