عنوان الفتوى : حكم ترك المبيت بمنى وطواف الوداع ورمي الجمرات
أحرمت عصر يوم عرفة بالحج، وقلت عند الدخول بالنسك: وإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني. وبت أول يوم بمنى، ولكني لم أستطع المبيت اليوم الثاني لمرض عمي، ونقله للمستشفى، وبقيت معه مرافقا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن والاه, أما بعد:
فما دمت قد وقفت بعرفة -كما فهمنا من السؤال- فقد أدركت الحج -والحمد لله-، ولم تذكر لنا أخي السائل ما الذي فعلته، وما الذي تركته من أعمال الحج بشكل واضح، وقولك إنك بت بمنى، إن كنت تعني: أول ليلة من أيام التشريق -كما يظهر لنا- فهذا يعني أنك بت بمزدلفة، ورميت جمرة العقبة يوم العيد، وطفت طواف الإفاضة، وسعيت، ولم يفُتْك إلا المبيت بمنى بقية ليالي التشريق، ورمي الجمار، فإن كان هذا هو المراد: فإنه لا يلزمك شيء لترك المبيت بمنى لأجل العذر، جاء في الموسوعة الفقهية:
وَأَوْجَبَ الشَّافِعِيَّةُ، وَكَذَا الْحَنَابِلَةُ فِي تَرْكِ الْمَبِيتِ كُلِّهِ دَمًا وَاحِدًا، وَفِي تَرْكِ لَيْلَةٍ مُدًّا مِنَ الطَّعَامِ، وَفِي تَرْكِ لَيْلَتَيْنِ مُدَّيْنِ، إِذَا بَاتَ لَيْلَةً وَاحِدَةً، إِلاَّ إِذَا تَرَكَ الْمَبِيتَ لِعُذْرٍ فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ، كَأَهْل سِقَايَةِ الْعَبَّاسِ، وَرِعَاءِ الإْبِل فَلَهُمْ تَرْكُ الْمَبِيتِ لَيَالِيَ مِنًى مِنْ غَيْرِ دَمٍ، وَمِثْلُهُمْ مَنْ يَخَافُ عَلَى نَفْسٍ أَوْ مَالٍ، أَوْ ضَيَاعِ مَرِيضٍ بِلاَ مُتَعَهِّدٍ، أَوْ مَوْتِ نَحْوِ قَرِيبٍ فِي غَيْبَتِهِ. اهــ.
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله تعالى-:
إن النبي -صلى الله عليه وسلم- رخص للعباس أن يبيت في مكة من أجل سقاية الحاج، وهذا عمل عام، وكذلك رخص للرعاة أن يتركوا المبيت بمنى ... ويشبه هؤلاء من يترك المبيت لرعاية مصالح الناس كالأطباء، وجنود الإطفاء، وما أشبه ذلك، فهؤلاء ليس عليهم مبيت، لأن الناس في حاجة إليهم، وأما من بهم عذر خاص كالمريض، والممرض له، وما أشبه ذلك، فهل يلحقون بهؤلاء؟ على قولين للعلماء:
1- فمن العلماء من يقول: إنهم يلحقون؛ لوجود العذر.
2- ومن العلماء من يقول: إنهم لا يلحقون؛ لأن عذر هؤلاء خاص، وعذر أولئك عام.
والذي يظهر لي: أن أصحاب الأعذار يلحقون بهؤلاء... اهــ.
ولو أطعمت مدَّين (نصف صاع) أخي السائل مراعاة لمن لا يرى تمريضك عذرا لكان أحوط، وأبرأ للذمة.
ويلزمك دم لترك رمي الجمار أيام التشريق، جاء في الموسوعة الفقهية: مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ: أَنَّهُ يَجِبُ الدَّمُ عَلَى مَنْ تَرَكَ الرَّمْيَ كُلَّهُ أَوْ تَرَكَ رَمْيَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ أَوْ تَرَكَ ثَلاَثَ حَصَيَاتٍ مِنْ رَمْيِ أَيِّ جَمْرَةٍ.... اهــ.
ولا تعذر في ترك الرمي، لأنه كان بإمكانك أن توكل من يرمي عنك، جاء في الموسوعة أيضا: ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ مَنْ عَجَزَ عَنِ الرَّمْيِ بِنَفْسِهِ، وَجَبَ أَنْ يَسْتَنِيبَ مَنْ يَرْمِي عَنْهُ... اهــ.
ويلزمك دم آخر لترك طواف الوداع.
وإذا كان السائل يرى أن الجواب لم يتعرض لأشياء أخرى تركها السائل من أعمال الحج، فليذكر لنا هو ما الذي فعله من أعمال الحج، وما الذي تركه بالتفصيل.
والله تعالى أعلم.