عنوان الفتوى : منعت النفقة فوهبها رجل مالا ثم أخذه من زوجها بأكثر منه فكيف تتصرف إن دفعه لها
جزاكم الله عنا كل الخير على كل الإفادات بفضل الله سبحانه. أنا في حيرة من أمري حيث إني كنت على خلاف مع زوجي دام خمسة أشهر وخلال فترة من الزمن انتهى المال الذي أعطانيه قبل أن يتركني في بيت أهلي، وعندما طلبت منه أن يرسل لي بعض المال لم يفعل، وقد كنت في حاجة ملحة إليه، وهناك شخص أعرفه ساعدني ببعض المال، (يعني ليس على سبيل السلفة بل على سبيل المساعدة) وبعد فترة حاول ذات الشخص أن يصلح بيني وبين زوجي وأخبر زوجي أنه ساعدني ببعض المال لأني كنت بحاجة شديدة إليه، لكن هذا الشخص قال له أنني استسلفته منه، وفي الحقيقة هذا الشخص كذب على زوجي حيث زاد في قيمة المبلغ، ولكن ليس بنية أن يأخذ هذا المال بل ليعطيه لي ولكني لم أكن موافقة على ذلك؛ لأن الكذب حرام، لكنه فعل ذلك رغم اعتراضي ظنا منه أن هذا المال من حقي، وحتى أني صدمت حين قال قيمة المبلغ المزعوم لزوجي، والمشكلة أن زوجي يقول إن هذا دين عليه، و إنه يجب أن يسدده، وأنا ضميري يؤنبني؛ لأن زوجي لا يعلم أنني أنا التي ستأخذ المال، وليس الشخص الذي ساعدني، وأنا خائفة إذا أخبرت زوجي بالحقيقة أن يغضب علي، وأن يؤدي هذا إلى خلاف جديد بيني وبينه، وأظهر بمظهر الكاذبة، أو أن أتسبب في مشكلة بين زوجي و الشخص الذي أصلح بإذن الله بيني وبينه، وإن أخذت هذا المال أخاف أن يكون مالا حراما فيغضب الله عز وجل علي. أرجوكم أفيدوني بالحل المناسب. أنا فكرت في أن أعاود الذهاب إلى هذا الشخص وأستسلف من عنده المبلغ الذي قاله لزوجي و عندما يعطيني زوجي المال أسدد به هذا الدين فهل هذا حل مناسب؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي فهمنا من سؤال السائلة هو أن شخصا غير زوجها أعطاها مالا على وجه الهبة ثم طلب من زوجها أن يسدده له وأخبره كذبا بأنه أكثر مما دفع للسائلة على أساس أنه سيرد الجميع إن سدده له الزوج للسائلة، فإن كان ما فهمناه صحيحا فالجواب أن ما قام به ذلك الشخص من إخبار زوجك كذبا من أنك استلفت منه مبلغا لا يجوز، كما لا يجوز بالأولى إخباره بمبلغ أكثر مما دفع ومطالبته به فالكذب حرام، ولا يسوغه حسن النية، لا سيما أن زوجك على ما يظهر غير منكر بدليل أنه موافق على تسديد ما طلب منه، ومقر بأنه يتحمله فلا داعي لهذا الكذب، أما وقد تم الأمر (الكذب) فالظاهر أن حل تلك المشكلة وتفادي المفاسد المترتبة على إخبار زوجك بالحقيقة هو أن يخبر الشخص المساعد زوجك بأن الزيادة على المبلغ الذي أعطاك إياه فعلا كان عن طريق الخطإ منه، حتى لا تجول يده على ما ليس له ولا لك حق فيه من مال زوجك، ثم إذا سدده المبلغ الحقيقي رده إليك؛ لأنه أعطاك إياه على سبيل الهبة، وليس له أن يرجع فيها، علما بأن الزوج لا يلزمه لك إلا نفقتك بالمعروف، وبشرط أن لا تكوني ناشزا، كما في الفتوى رقم: 48166، والفتوى رقم: 19453، ثم إذا كان هذا المبلغ أكثر من قيمة النفقة الواجبة على زوجك في تلك الفترة ـ على افتراض وجوبها ـ فلا بد أن تخبريه بذلك أو تردي إليه الزيادة إذ لا يلزمه إلا مقابل النفقة الواجبة لك فهذا هو الحل الأمثل فيما نرى.
وإذا افترض أن المساعد المذكور لم يسلك هذا الطريق لحل المشكلة وأخذ المال من الزوج وسلمه لك، فردي لزوجك ما زاد على حقك المعلوم مما سبق، ولكن لا يلزمك أن تصرحي له بتفاصيل ما حصل، خاصة إن ترتبت على ذلك مفسدة، بل يمكن أن تعطيه ذلك كهدية أو نحو ذلك.
والله أعلم.