عنوان الفتوى : مذاهب العلماء في حضانة من تزوجت أماً أو غيرها
كيف تسقط الحضانة عن الأم عن ابنتها إذا تزوجت، مع أن زوج الأم هنا يكون محرما نهائيا على ابنتها؟ وكيف تنتقل الحضانة لأخت الأم أو أخت الأب في حين أن زوج الخالة أو زوج العمة هنا لا يكون محرما على الابنة التي انتقلت إلى حضانة الخالة؟ وبالتالي؛ لن تستقيم الحياة نفسيا، ولا دينيا، وهناك رجل غريب، وهذا الرجل يعيش مع هذه البنت التي انتقلت حضانتها لخالتها؟ أرجو توضيح هذه النقطة جيدا شرعا؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإشكال السائلة إنما يقوم إذا فرقنا بين الأم وغيرها من النساء في سقوط حق الحضانة عنهن بالزواج، وهذا ليس بصحيح؛ فغير الأم من النساء كالخالة والعمة، أولى بذلك منها إذا تزوجن؛ قال ابن العربي في (أحكام القرآن): الخالة أحق بالحضانة بعد الجدة من سائر القرابة والناس .. هذا إذا كانت الخالة أيِّمًا، فأما إن تزوجت، وكان زوجها أجنبيا، فلا حضانة لها؛ لأن الأم تسقط حضانتها بالزوج الأجنبي، فكيف بأختها، وبأمها، والبدل عنها، فإن كان وليا لم تسقط حضانتها كما لم تسقط حضانة زوج جعفر؛ لكون جعفر وليا لابنة حمزة، وهي بنوة العم .. اهـ.
وقال الموصلي في (المختار): من لها الحضانة إذا تزوجت بأجنبي سقط حقها. اهـ.
وجاء في (الموسوعة الفقهية) ضمن الشروط الخاصة بالحواضن من النساء: ألا تكون الحاضنة متزوجة من أجنبي من المحضون، لأنها تكون مشغولة بحق الزوج، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أنت أحق به ما لم تنكحي". فلا حضانة لمن تزوجت بأجنبي من المحضون، وتسقط حضانتها من حين العقد عند الحنفية، والشافعية، والحنابلة، وبالدخول عند المالكية، وهو احتمال لابن قدامة في المغني ... هذا بالنسبة لزواج الحاضنة من أجنبي من المحضون، فإن تزوجت بذي رحم محرم من المحضون كالجدة إذا تزوجت بجد الصبي، أو تزوجت بقريب ولو غير محرم من المحضون كابن عمه، فلا تسقط حضانتها، وهذا عند الجمهور - المالكية، والحنابلة، والشافعية - في الأصح. اهـ.
وعلى هذا القول من عدم سقوط حق المرأة في الحضانة إذا تزوجت بغير ذي رحم محرم من المحضون؛ فإن حضانة الأنثى تنقطع ـ على القول المختار ـ ببلوغ الفتاة سن الاشتهاء، وترجع الفتاة إلى أبيها.
وبالتالي؛ فلا مجال لاستشكال عدم المحرمية بين الزوج والمحضونة. وراجعي في ذلك الفتويين: 6256، 6660.
وأخيرًا: ننبه على أن سقوط حق الحضانة عن الأم إذا تزوجت ليس محل اتفاق، بل محل خلاف وتفصيل، قال ابن القيم في (زاد المعاد): قد اختلف في سقوط الحضانة بالنكاح على أربعة أقوال:
أحدها: تسقط به ذكرا كان أو أنثى، وهو قول مالك، والشافعي، وأبي حنيفة، وأحمد في إحدى الروايات عنه.
والثاني: لا تسقط بحال، وهو قول الحسن، وابن حزم.
والثالث: إن كان الطفل بنتا، لم تسقط الحضانة، وإن كان ذكرا سقطت، وهذه رواية عن أحمد - رحمه الله تعالى - وقال في رواية مهنا: إذا تزوجت الأم وابنها صغير أخذ منها. قيل له: والجارية مثل الصبي؟ قال: لا، الجارية تكون معها إلى سبع سنين. وحكى ابن أبي موسى رواية أخرى عنه: أنها أحق بالبنت وإن تزوجت إلى أن تبلغ.
والرابع: أنها إذا تزوجت بنسيب من الطفل، لم تسقط حضانتها، وإن تزوجت بأجنبي سقطت. ثم اختلف أصحاب هذا القول على ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه يكفي كونه نسيبا فقط، محرما كان أو غير محرم، وهذا ظاهر كلام أصحاب أحمد، وإطلاقهم.
الثاني: أنه يشترط كونه مع ذلك ذا رحم محرم، وهو قول الحنفية.
الثالث: أنه يشترط مع ذلك أن يكون بينه وبين الطفل ولادة، بأن يكون جدا للطفل، وهذا قول بعض أصحاب أحمد، ومالك، والشافعي. اهـ.
والله أعلم.