عنوان الفتوى : توضيح حول إخفاء قبور الأنبياء
ماهي الحكمة في إخفاء أماكن قبور كل الأنبياء ماعدا قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم. أفيدونا أفادكم الله وجزاكم الله خيراً....
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فليس في كتاب الله ولا في الأحاديث الصحيحة فيما اطلعنا عليه نص صريح فيه أمر بإخفاء قبور الأنبياء، والذي يظهر -والله أعلم- أن قبور الأنبياء على عهد النبوة وعهد الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين كانت قد اندرس أكثرها لبعد الزمان، ولم يكن معروفاً على وجه الجزم أن قبراً بعينه هو لنبي معين صلوات الله وسلامه عليهم جميعاً، وعامة ما يحكى من ذلك يكون كذباً -في الغالب- كما قال شيخ الإسلام: ( وليس في الأرض قبر اتفق على أنه قبر نبي غير قبره -يعني: قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم. ) انتهى
علماً بأنه من الثابت أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أخفى قبر النبي دانيال عليه السلام لما ظهر بتَسْتُر، وإنما أخفاه رضي الله عنه لأن أبا موسى واليه هناك أخبره أن الناس يستسقون به، فأراد عمر أن يسد الذريعة إلى الشرك فكتب إليه عمر أن يحفر بالنهار ثلاثة عشر قبراً ثم يدفنه بالليل في واحد منها، ويعفيه لئلا يفتتن به الناس، وأما قبر النبي صلى الله عليه وسلم مع وضوحه وظهوره فقد تولى هو صلى الله عليه وسلم بنفسه تحذير المسلمين تحذيراً شديداً من اتخاذه مكاناً يجتمع الناس عنده أو البناء عليه فضلاً عن البناء على غيره من القبور، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تجعلوا بيوتكم قبوراً، ولا تجعلوا قبري عيداً، وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم. رواه أحمد وأبو داود وصححه الألباني وحسنه الأرناؤوط.
قال صاحب عون المعبود: ( قال المناوي في فتح القدير: معناه النهي عن الاجتماع لزيارته اجتماعهم للعيد. ) انتهى
وروى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها واللفظ لبخاري قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي لم يقم منه: " لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد. " لولا ذلك أبرز قبره غير أنه خَشي أو خُشي أن يُتخذ مسجداً.
والحاصل أن قبور الأنبياء لم يتم إخفاؤها إلا ما كان من عمر مع قبر النبي دانيال -على القول بنبوته-، وإنما أخفاه سداً للذريعة إلى الشرك، أما قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقد حفظ لقرب عهده بالنسبة إلى غيره من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم جميعاً، إضافة إلى عناية المسلمين وعلى رأسهم كثير من الخلفاء بقبره صلى الله عليه وسلم لاسيما مع وجوده في دائرة المسجد النبوي الذي لقي عناية شديدة بمرور الزمان حتى عهدنا هذا حيث تم تجديده وتوسيعه مراراً.
والله أعلم.