عنوان الفتوى : كيفية الزهد في الطعام وما ثوابه؟
ما هي كيفية الزهد في الطعام؟ وما ثوابه؟ وهل التلذذ بطعام الدنيا ينقص من نعيم الآخرة؟ حيث في الحديث: عندما خرج الرسول، وأبو بكر، وعمر من ديارهم بحثًا عن طعام لشدة الجوع، وبعدها دخلوا عند صحابي، وأطعمهم، فقال لهم الرسول: والله لتسألن عن هذا النعيم. وإن بعض الشيوخ قالوا: إن أكل الإنسان ما شاء دون إسراف فلا حرج عليه. وما الأمور المعينة على الصبر على شهوة الطعام؟ وجزاكم الله خيرًا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالزهد عمومًا ثلاث درجات؛ الأولى: ترك الحرام والشبهة. الثانية: ترك الفضول من الحلال. الثالثة: ترك ما يشغل عن الله تعالى، وانظري الفتوى رقم: 139180.
وعليه؛ فأول الخطوات تجنب الحرام والشبهة، ثم تجنب ما لا حاجة إليه من فضول الطعام، ثم ألا يأكل العبد إلا ما يعينه على الطاعة، فلا ينبغي له أن يأكل لمجرد حب الأكل، ولا أن يجعل شغله كله بالطعام أصلًا.
جاء في مختصر منهاج القاصدين: والضروريات المهمات سبعة أشياء: المطعم، ..
فأما الأول: -وهو المطعم- فاعلم أن همة الزاهد منه ما يدفع به الجوع مما يوافق بدنه من غير قصد الالتذاذ. وفي الحديث: "إن عباد الله ليسوا بالمتنعمين". وقالت عائشة -رضى الله عنها- لعروة: كان يمر بنا هلال، وهلال، ما يوقد في بيت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- نار. قال: قلت: يا خالة: فعلى أي شيء كنتم تعيشون؟ قالت: على الأسودين: الماء والتمر. والأحاديث في ذلك كثيرة مشهورة. وقد كان كثير من الزهاد يخشنون المطعم، وكان فيهم من لا يطيق ذلك، فكان الثوري حسن المطعم، وربما حمل في سفرته اللحم المشوي، والفالوذج. وفى الجملة: فالزاهد يقصد ما يصلح به بدنه، ولا يزيد في التنعم، إلا أن الأبدان تختلف، فمنها: ما لا يتحمل التخشن. وقد يدخر بعض الناس الزاد الحلال يتقوته، فلا يخرجه ذلك من الزهد، فقد كان السبتي يعمل من السبت إلى السبت ويتقوته. وورث داود الطائي عشرين دينارًا، فأنفقها في عشرين سنة. انتهى.
وقد ذكرنا بعض فضائل، وثواب الزهد بالفتوى رقم: 97793، ونزيد بعض ثوابه:
1- يجلب محبة الله تعالى ورضاه؛ فقد روى ابن ماجه، والطبراني عن سهل بن سعد الساعدي -رضي الله عنه- قال: أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- رجل، فقال: يا رسول الله، دلني على عمل إذا عملته أحبني الله وأحبني الناس؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما في أيدي الناس يحبك الناس. صححه الألباني.
2- أنه يحافظ على نصيبه في الآخرة موفرًا، وانظر الفتوى رقم: 61760.
وله فوائد كثيرة، انظرها في نضرة النعيم، فقد توسع مؤلفوه في ذكر فوائده.
وقد بينا في الفتوى رقم: 61760 أن التلذذ بنعيم الدنيا ينقص من نعيم الآخرة، فالزهد أبقى لنعيم الآخرة.
ولا حرج على الإنسان أن يأكل ما لم يسرف، ولكن الزهد في الدنيا، وتقليل الطعام أولى، وأعظم للأجر، وانظري الفتوى رقم: 149113.
وقد بينا بالفتوى رقم: 59675 ما يعين على الزهد عمومًا، ونزيد فيما يختص بالطعام:
1- تذكر نعيم الجنة، وأن العبد ينقص من نعيمه توسعه في دنياه.
2- تذكر أن طعام الدنيا منقطع؛ أخرج الإمام أحمد في الزهد: عن مِسْكِين الْهَجَرِيّ قَالَ: كَانَ عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ إِذَا مَرَّ بِالْفَوَاكِهِ قَالَ: مَقْطُوعَةٌ مَمْنُوعَةٌ.
3- تذكر الجوعى، والفقراء، ومن لا يجدون قوتهم.
وأما الحديث الذي أشرتِ إليه، فقد رواه ابن حبان عن ابن عباس، برقم: (5216)، فانظريه -إن شئت-، وقد حسنه الشيخ/ حسين أسد -حفظه الله- في موارد الظمآن.
والله أعلم.