عنوان الفتوى : حكم من أتته وساوس بسبب مجادلته للكفار والملحدين
ما أردت أن أقول هذا إلا لما بلغ مني الهم ما بلغ، والله المستعان، هداني ربي لطريقه المستقيم ـ الحمد لله ـ منذ ثلاث سنين ونصف تقريبا ـ والحمد لله ـ ما كنت أهنأ بالا ولا أطيب عيشا، وإني كنت أعبد الله ربي كأنني أراه، وبلغت من طيب العيش من لو اطلع عليه الخلق لقاتلني حتى يأخذه، وكله من فضل الرحمن ـ والحمد لله ـ صرف ربي عني حب الشهوات بفضله إلا في حلاله، لكن منذ ثمانية أشهر تقريبا قالت لي صديقة لي: يجب أن ندعو إلى الله، فقلت لها: أنا خائفة أن أضل أو تأتيني وساوس ـ أعوذ بالله ـ إن جادلت الكفار، فأصرت علي ولم أقبل لكنها شجعتني لذلك، فقررت في شهر أبريل أن أبدأ الدعوة إلى الله، فذهبت أبحت عن الملحدين وعباد الصليب ـ نعوذ بالله من ضلالاتهم وباطلهم ـ كنت أجادلهم، وجادلت مرتدا وأعطاني أفكار ملوثة شيطانية هو وغيره مع الأسف، وخالطت الكثير منهم ـ والحمد لله ـ كنت بفضل الله أبهتهم بالحجج، وإن الواحد منهم كان يقول لي: أني خصمه الحقيقي ـ الحمد لله ـ وهذا استمر لشهرين ونصف، لكن بعدها كأني أصبحت خائفة من الضلال ومنهم جدا، ومما يدعون إليه، وجاءتني الوساوس، والله إني لأعلم أني على الحق لكن لشدة علاقتي مع الله لم أكن أتصور أبدا أن يجول بخاطري الوساوس، يعني دنسوا أفكاري والله مضلون بحق، لكن ـ الحمد لله ـ بفضل بارئي ذهبت الوساوس ـ الحمد لله ـ كلها من فضل ربي، لكن أكاد أجن وأموت وأنا أتذكر كيف سمحت لي نفسي أن تأتيني تلك الوساوس، هي ليست اختيارية لكن جاءت ـ الحمد لله ـ على كل حال، والآن أصبحت أحس أني ابتعدت عن ربي، ولم تعد علاقتي به كما كانت، كأنني تراجعت خطوات للوراء، لماذا أتتني تلك الوساوس؟ وهل تأتي للكل؟ وإني لأعلم أني قليلة العزم، ولم أعش ذرة مما عاشه الرسل عليهم السلام، ـ لا أعرف ـ إني أظن بربي الظن الحسن، لكن هل يمكن أن أعود كما كنت وأحسن إن شاء الله؟ أريد أن أرجع إلى ربي ولا أتعدى حدوده، وأعوذ به من موالاة غيره. أرجوكم ساعدوني فرج الله عنكم كربة من كرب يوم القيامة، وأعتذر عن إزعاجكم.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله سبحانه أن يزيدك هدى، وقربا منه، وثباتا على دينه.
واعلمي أن الشيطان حريص على إضلال بني آدم، فإذا وجد منه توجها إلى الله بالعبادة والدعوة إليه سعى إلى صده عن ذلك بشتى الطرق.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: والوسواس يعرض لكل من توجه إلى الله تعالى بذكر أو غيره لا بد له من ذلك فينبغي للعبد أن يثبت ويصبر ويلازم ما هو فيه من الذكر والصلاة ولا يضجر فإنه بملازمة ذلك ينصرف عنه كيد الشيطان، إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا، وكلما أراد العبد توجها إلى الله تعالى بقلبه جاء من الوسواس أمور أخرى، فإن الشيطان بمنزلة قاطع الطريق كلما أراد العبد يسير إلى الله تعالى أراد قطع الطريق عليه، ولهذا قيل لبعض السلف: إن اليهود والنصارى يقولون: لا نوسوس فقال: صدقوا وما يصنع الشيطان بالبيت الخراب. مجموع الفتاوى.
ومع ذلك فننصحك بالتسلح بالعلم الشرعي والتعمق فيه حتى تتمكني من الدعوة وأنت على أرض علمية صلبة، بل إن التصدي لجدال الكفار والمرتدين دون تمكن من العلم الشرعي لهو من الخطورة بمكان، وانظري الفتوى رقم: 125622.
ولمزيد الفائدة عن طرق دعوة الملحدين راجعي فتوانا رقم: 213058، وإحالاتها.
وبخصوص دعوة المرأة للرجال راجعي فتوانا رقم: 254545، وإحالاتها.
وأما إحساسك بأنك قد تراجعت إلى الوراء ، فالظاهر أن هذا من الفتور الذي قد يحدث بعد الاجتهاد في العبادة، وقد سبق الكلام عنه وما يتعلق به في الفتاوى التالية أرقامها: 121317، 223903، 184337وإحالاتها.
والله أعلم.