عنوان الفتوى : من حِيَل أهل الباطل لتزيين المنكر وتشويه المعروف تسمية الأشياء بغير اسمها

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

هل الاختلاط بين الرجل والمرأة انفتاح أم تخلف؟ وهل انتشار العلاقات العاطفية بينهما انفتاح أم تخلف؟ وما رأي الدين في هذه الأمور، حيث أرفض هذه الأشياء، لأنها تعود بنا إلى عصور الظلام كالعصر الإغريقي والروماني؟ وهل أنا متخلف أم هذا انفتاح؟ ولماذا يتم وصف من يخرج على أحكام الدين بالمنفتح؟ وما هو الرد على من تحدثه في أمور دينية فيقول إن الله هو من يحاسب، رغم أن الله وضع لمن يخالف أحكامه حسابا؟ وهل هو على حق أم لا؟.

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد: 

فقد أخبرنا الله عن شياطين الإنس والجن أنهم يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا، ومن حيلهم في إضلال بني آدم إلباس الشيء غير لبوسه، وتسميته بغير اسمه، فيسمون ما مدحه الشرع، ورغب فيه بأسماء منفرة ليصدوا الناس عنه؛ كالتخلف والرجعية والانغلاق وما إلى ذلك، ويسمون ما نهى عنه الشرع، وحذر منه بأسماء مزخرفة مزينة للترغيب فيه، والحث على تعاطيه، كتسميتهم اختلاط الرجال بالنساء انفتاحا، ومدنية، وعصرانية، وهلم جرا.

فعلى المسلم أن لا ينخدع بهذه الحيل، وأن يتفطن لها، ويكون على بصيرة من أمر دينه، فلا يمتدح إلا ما امتدحه الله ورسوله، وإن ذمه الناس، ويذم ما ذمه الله ورسوله، وإن زخرفه أهل الباطل وزينوه، فالمعتبر في المدح والذم والتقديم والتأخير هو ما اعتبره الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فلا تهولنك الألقاب المخترعة المزخرفة للأشياء الباطلة المنكرة، فهي حيلة شيطانية وخطة إبليسية قديمة، قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: والمعاني لا تتغير بتغيُّر الأسماء أبداً، ولهذا أخبر النبي عليه الصلاة والسلام أنه في آخر الزمان يشرب أقوام الخمر ويسمونها بغير اسمها، فهل تنتقل عن الخمر إلى الاسم الجديد؟ لا، هي خمر، هكذا أيضاً هذه التي نسميها ودائع وهي عند البنوك ليست وديعة أبداً، بل هي قرض ينتفع بها البنك. انتهى.

فالمنكر لا يصير معروفا بتغيير اسمه، وهذا الانحطاط الخلقي والسفول السلوكي لا يصير رقيا وحضارة بتسميته كذلك، فاختلاط الرجال بالنساء على النحو الذي يثير الريبة، ويهيج الغرائز، ويفتح الذرائع للفتن اختلاط محرم منكر، وهو عين الانحطاط والتخلف، وإن سماه الناس بما سموه به، فحقيقته المنكرة لا تتغير بتحسين اسمه وتزيينه، ولئن سموا ذلك التردي الخلقي الذي هو إلى البهيمية والحيوانية أقرب منه إلى سلوك بني آدم الذين كرمهم الله بإنزال الشرائع وإرسال الرسل - لئن سموه انفتاحا فنقول نعم هو انفتاح، لكن على أبواب جهنم ـ والعياذ بالله ـ 

فعليك أيها الأخ أن تتمسك بما دل عليه كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وعَضَّ على ذلك بالنواجذ، وإن كثر المنفرون من ذلك، الحاثُّون على خلافه، واعلم أن العز كل العز، وخير الدنيا والآخرة لا يحصل للعباد إلا بتمسكهم بهذا الهدي النبوي، واعلم كذلك أن الله تعالى ما شرع الفصل بين الجنسين على النحو المقرر في الشرع الكثيرة النصوص الدالة عليه إلا لما للعباد في ذلك من المصلحة العظيمة في دينهم ودنياهم، فالله لا يعنت العباد ولا يشق عليهم، وإنما يشرع لهم ما فيه مصلحتهم ولكن أكثر الناس لا يعلمون. 

وأما من ينكر على من ينكر عليه بزعم أن الله هو الذي يحاسبه: فقد أخطأ خطأ بينا، فإن الله كما سيحاسبه على فعله للمنكر، فسيحاسب كذلك من رأى المنكر وأمكنه إنكاره فلم يفعل، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 340759.

والله أعلم.