عنوان الفتوى : حكم دعوة المرأة للرجال غير المسلمين
أنا فتاة أطمح لأن أتعلم العقيدة وأمور التوحيد، ثم اللغة الإنجليزية؛ لكي أدعو اليهود، والنصارى، وغيرهم من الكفار إلى الإسلام، حتى ولو كان ذلك فيه شيء من النقاش، أو المجادلة، أي أني أبين لهم أن عقيدتهم باطلة، وأبين لهم عظمة القرآن، وغيره، ولكني خشيت أن هذا أمر محرم، فبماذا تنصحونني؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فدعوة غير المسلمين من اليهود، والنصارى، والمشركين إلى الإسلام من فروض الكفاية على المسلمين، وذلك سبيل الفالحين، قال تعالى: وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ {آل عمران:104}، وهي من أجل وظائف الدين، قال تعالى: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ {فصلت:33}، ودراسة العقيدة، والتفسير، والدعوة، وإتقان لغة المدعوين بقصد نشر الإسلام وتعاليمه، ودحض شبهات المبطلين من أعظم القربات، فقد قال النبيّ صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: فَوَاللَّهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ. متفق عليه.
ودعوة الكفار إلى الإسلام, ومجادلتهم لإبطال دينهم لا يصلح لها كل الناس، مع أن الدعوة إلى الله لها ضوابطها الشرعية المرعية في صفات الداعية، وأسلوب الدعوة ووسائلها؛ كالإخلاص، والحكمة، والموعظة الحسنة، والمجادلة بالتي هي أحسن، كما قال تعالى: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ {النحل:125}، وللمزيد في تقرير هذه الضوابط العامة تنظر الفتوى رقم: 21363، والفتوى رقم: 78403. وينظر في صفات الداعية الناجحة الفتوى رقم: 40262، والفتوى رقم: 49806، والفتوى رقم: 8580.
وفي حالة كون الداعية امرأة والمدعو رجلًا، فلا بد من مراعاة الضوابط الشرعية الخاصة للمحاورة بين الجنسين، كأمن الفتنة، وعدم الخضوع بالقول، والتزام الحجاب الشرعي؛ لئلا تعود الدعوة بفساد الداعية، وضياع المدعو، وينظر للمزيد في تقرير هذه الضوابط الخاصة الفتوى رقم: 30792.
فإذا خشيت المرأة الداعية على نفسها الفتنة، سواء على صعيد الشبهات العقلية أم الشهوات القلبية، فلا يجوز لها المخاطرة بدينها؛ لأن صيانة النفس والدين واجب عيني، والدعوة إلى الله واجب كفائي، فيقدم العيني على الكفائي، ولأن سقوط الداعية تبعاته على الساحة الدعوية أليمة، ومثل ذلك يقال في توفيق المرأة بين واجباتها الأسرية العينية، وبين قيامها بالدعوة إلى الله جل في علاه.
وعلى العموم: فالأولى في الدعوة عامة، وفي الدعوة الفردية خاصة أن تتولى المرأة دعوة النساء، وأن يتولى الرجل دعوة الرجال، صيانة للأهداف الدعوية عن الأهواء الشخصية.
والله أعلم.