عنوان الفتوى : الجمع بين نفي تحريك الإصبع في التشهد وإثبات التحريك
هل هذا الحديث صحيح أم حسن: روى أبو داود في سننه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يشير بإصبعه لا يحركها؟ وهل زيادة: (لا يحركها) إسنادها حسن ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وهل تعارض هذه الزيادة حديث وائل بن حجر (يحركها يدعو بها)؟ وكيف الجمع بينهما؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالحديث الذي سألت عنه صحيح الإسناد بما في ذلك عبارة: لا يحركها, ونفي التحريك هنا لا يعارض حديث وائل بن حجر الذي هو صحيح الإسناد أيضًا, فقد نبّه بعض أهل العلم على كيفية الجمع بينهما قائلًا: إن المراد بتحريك الإصبع: الإشارة بها من غير تحريكها دائمًا, قال الإمام النووي في المجموع -متحدثًا عن هذا الموضوع-: (والثالث) يستحب تحريكها؛ حكاه الشيخ أبو حامد، والبندنيجي، والقاضي أبو الطيب، وآخرون، وقد يحتج لهذا بحديث وائل بن حجر -رضي الله عنه- أنه وصف صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر وضع اليدين في التشهد قال: "ثم رفع إصبعه فرأيته يحركها يدعو بها". رواه البيهقي بإسناد صحيح. قال البيهقي: يحتمل أن يكون المراد بالتحريك: الإشارة بها لا تكرير تحريكها، فيكون موافقًا لرواية ابن الزبير، وذكر بإسناده الصحيح عن ابن الزبير -رضي الله عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم "كان يشير بإصبعه إذا دعا لا يحركها". رواه أبو داود بإسناد صحيح. انتهى.
وفي الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين أثناء بحث هذه المسألة: ولكن السُّنَّة دَلَّت على أنه يُشير بها عند الدعاء فقط؛ لأن لفظ الحديث: «يُحرِّكُها يدعو بها»، وقد وَرَدَ في الحديث نَفْيُ التَّحريك, وإثباتُ التحريك, والجمعُ بينهما سهل؛ فنفيُ التَّحريك يُراد به التَّحريكُ الدَّائم، وإثباتُ التَّحريك يُراد به التَّحريكُ عند الدُّعاء، فكلما دعوت حرِّكْ إشارة إلى علوِّ المدعو سبحانه وتعالى. انتهى.
وللمزيد عن هذا الموضوع راجع الفتوى رقم: 208798، الفتوى رقم: 211723.
والله أعلم.