عنوان الفتوى : جريمة اللواط: ماهيتها، كيفية ثبوتها، حدها، من يقيم الحد فيها.
هنا في مدينة عدن باليمن تنتشر عمليات قتل بالرصاص بحجة تطبيق حد اللواط، ولا يعترض أحد على هذا، بل يتم قتلهم بدون محكمة، والقتل يتم على السمعة السيئة أو الشك وليس الشهود، وأي شخص يستطيع قتل الآخر فقط عن طريق تشويه سمعته بدون دليل, أعرف شخصا قتل شابا بحجة تطبيق حد اللواط لكي يتزوج أخته ولم يتكلم أحد، لأنه يطبق الحد من خلال مجموعة من الجهلاء هنا، ويستغلون جهل الناس بشروط حد اللواط ، بل الناس تشجع وتبارك عمليات القتل العشوائية هذه، فماذا عن هؤلاء الذين تم قتلهم دون دليل أو شهود؟ وهل يجوز قتل شخص يشك فيه أنه يفعل اللواط والتجسس عليه؟ وماذا لو كان أحد يفعل ذلك لكي يشوه سمعته مثل ما حدث ـ القذف باللواط ـ وما هي شروط حد اللواط كاملة؟ وهل يمكن لمن اعترف على نفسه بممارسة اللواط أن يرجع عن إقراره؟ وهل يشترط أربعة شهود يرون الجريمة الجنسية بين الرجلين بشكل كامل كالميل في المكحلة؟ وهذا مستحيل! وكيف أنبه الناس بخطر الدخول في الأعراض؟ وماذا عن حق اللذين تم قتلهم؟ وماذا لو كانوا يمارسون مقدمات اللواط فقط، التي لا يستحقون القتل عليها؟ وهل لو كانوا فعلا يمارسون اللواط سوف يحاسب الله من قتلهم في الآخرة طلما لم يقتص منهم، لأنه لم تقم عليهم البينة بأربعة شهود؟ وهل القتل في اللواط يكون بالرصاص أم الرجم؟ وهل عقوبة مقدمات اللواط التعزير باجتهاد القاضي فيما دون القتل بالجلد؟ اْم هي عقوبة اللواط نفسه؟ وما الفرق بين القتل إذا تم بعد قيام البينة عند القاضي وقبل ثبوت اللواط؟ وهل يجوز التجسس على الناس بحجة معرفة ما إذا كانوا يمارسون اللواط أم لا؟ وماذا لو علمت أن شخصا يمارس اللواط وهل أستره؟ أم أنصحه؟ أم أقتله؟ وماذا عن هولاء الذين يستغلون جهل الناس ويدخلون في الأعراض حيث تم قتل حوالي أربعة وليس هناك شهود وكان حسب السيرة.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالراجح عدم التفريق بين المحصن وغير المحصن في وجوب القتل، وقد سبق لنا ذكر الخلاف في ذلك والترجيح. فراجع الفتوى رقم: 1869.
وكذلك ثبوت اللواط كثبوت الزنا عند جمهور أهل العلم، فلا يثبت إلا بإقرار لا يرجع عنه صاحبه، أو بشهادة أربعة عدول، يصرحون بأنهم شاهدوا دخول فرج أحد الرجلين في دبر الآخر، كدخول المرود في المكحلة، ولا يشك أحد منهم في ذلك، ولا يرجع عما شهد به، فإن لم يكن أحد الشهود عدلا، أو لم تكن الرؤية التي أخبر عنها دقيقة، أو رجع عن شهادته، فإنهم يحدون حد القذف، وعلى أية حال فإقامة حد اللواط إنما هو من اختصاص السلطان أو نائبه، ولا يجوز لآحاد الناس قتل من فعل ذلك، ومن قتله من غير أن يثبت عليه كان مستحقا للقتل قصاصا، وأما لو قتله بعد ثبوت البينة الشرعية على النحو المشار إليه سابقا، فلا قصاص عليه، ولكنه أخطأ في افتياته على السلطان، ويستحق التعزير إن رأى السلطان في ذلك مصلحة، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 57782، 48669، 42914.
وراجع في بيان خصال العدالة في الشهود الفتوى رقم: 159171.
وأما كيفية القتل في عقوبة اللواط: فمما اختلف فيه أهل العلم، فإن قتله الحاكم رميا بالرصاص، فلا نرى في ذلك بأسا، وإن كان الجمهور على قتله رجما بالحجارة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: اتفق الصحابة على قتل الفاعل والمفعول به جميعًا، لكن تنوعوا في صفة القتل، فبعضهم قال: يرجم، وبعضهم قال: يرمى من أعلى جدار في القرية ويتبع بالحجارة وبعضهم قال: يحرق، ولهذا كان مذهب جمهور السلف والفقهاء أنهما يرجمان بكرين كانا أو ثيبين. اهـ.
وقال الشوكاني في السيل الجرار: قد قتل اللوطي في زمن الخلفاء الراشدين وأجمعوا على ذلك، ولا يضر اختلاف صفة القتل، وذهب إلى ذلك جماعة من العلماء. اهـ.
وأخيرا ننبه على أن اللواط الموجب للحد هو تغييب الحشفة في دبر الذكر، وأما ما دون ذلك من مقدمات اللواط فعلى ما فيها من القبح والفحش والإثم، فإنها لا توجب الحد، وإنما التعزير بما يراه أولوا الأمر رادعا عن مثل هذه الشنائع وراجع في ذلك الفتاوى التالية أرقامها: 22549، 28167، 32575.
والله أعلم.