عنوان الفتوى : حكم صلاة ركعتين بعد الوتر
سمعت أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي الليل دون جلوس بين الركعات، ثم يصلي ركعتين جالسا، فلم أفهم كيف ذلك؟ فهل من تفصيل؟.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلعلك تقصد الحديث الذي جاء في بعض الروايات عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ في صفة وتر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد جاء في شرح صحيح مسلم للنووي: قولها: يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة يوتر من ذلك بخمس لا يجلس في شيء إلا في آخرها ـ وفي رواية أخرى: يسلم من كل ركعتين ـ وفي رواية: يصلي أربعا، ثم أربعا، ثم ثلاثا ـ وفي رواية: ثمان ركعات، ثم يوتر بركعة ـ وفي رواية: عشر ركعات ويوتر بسجدة.... إلى أن قال: قولها: كان يصلي ثلاث عشرة ركعة يصلي ثمان ركعات، ثم يوتر، ثم يصلي ركعتين وهو جالس، فإذا أراد أن يركع قام فركع، ثم يصلي ركعتين بين النداء والإقامة من صلاة الصبح ـ هذا الحديث أخذ بظاهره الأوزاعي وأحمد فيما حكاه القاضي عنهما فأباحا ركعتين بعد الوتر جالسا، وقال أحمد: لا أفعله ولا أمنع من فعله، قال: وأنكره مالك، قلت: الصواب أن هاتين الركعتين فعلهما صلى الله عليه وسلم بعد الوتر جالسا لبيان جواز الصلاة بعد الوتر وبيان جواز النفل جالسا ولم يواظب على ذلك، بل فعله مرة أو مرتين أو مرات قليلة. انتهى.
وقد تحدث الإمام ابن القيم عن هاتين الركعتين قائلا: وقد أشكل هذا على كثير من الناس، فظنوه معارضا، لقوله صلى الله عليه وسلم: اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا ـ وأنكر مالك ـ رحمه الله ـ هاتين الركعتين، وقال أحمد: لا أفعله ولا أمنع من فعله، قال: وأنكره مالك، وقالت طائفة: إنما فعل هاتين الركعتين، ليبين جواز الصلاة بعد الوتر، وأن فعله لا يقطع التنفل، وحملوا قوله: اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا ـ على الاستحباب، وصلاة الركعتين بعده على الجواز، والصواب: أن يقال: إن هاتين الركعتين تجريان مجرى السنة، وتكميل الوتر، فإن الوتر عبادة مستقلة، ولا سيما إن قيل بوجوبه فتجري الركعتان بعده مجرى سنة المغرب من المغرب، فإنها وتر النهار، والركعتان بعدها تكميل لها، فكذلك الركعتان بعد وتر الليل، والله أعلم. انتهى.
وبناء على ما سبق، فالركعتان بعد الوتر ثبتتا عن النبي صلى الله عليه وسلم, لكن بعض أهل العلم حملوهما على جواز النفل بعد الوتر, وقالوا إن الأفضل هو ختم قيام الليل بالوتر امتثالا لأمره صلى الله عليه وسلم, كما جاء في الحديث الصحيح.
والله أعلم.