عنوان الفتوى : حكم صيام رمضان بدون نية
إخواني أشكركم على جهودكم، وعلى هذا الموقع. لم أكن أعلم بوجوب النية لصيام رمضان، وقد كنت أصوم بدون النية في شهور رمضان السابقة. فما الذي علي؟ ومتى وقتها؟ وماذا أفعل إذا كنتُ نائماً عن وقتها؟ وشكراً لكم على جهودكم.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن تبييت النية لصوم رمضان، شرط في صحته على القول الراجح، الذي هو مذهب الجمهور، حيث قالوا لا بد من إيقاع النية في الليل قبل طلوع الفجر؛ وانظر الفتويين التالية أرقامهما: 183077، 258397.
ولكننا ننبهك إلى أن النية عمل قلبي ولا تفتقر إلى تلفظ، بل إن التلفظ بها بدعة في الدين، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ فبمجرد أن ينوي الشخص بقلبه دون تلفظ، في جزء من الليل أنه صائم غدا، فإن ذلك يكفي.
ففي مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية: وكذلك نية الصيام في رمضان لا يجب على أحد أن يقول أنا صائم غدا باتفاق الأئمة، بل يكفيه نية قلبه. انتهى.
وقال ابن قدامة في المغني: ومعنى النية القصد، وهو اعتقاد القلب فعل شيء، وعزمه عليه، من غير تردد، فمتى خطر بقلبه في الليل أن غدا من رمضان، وأنه صائم فيه، فقد نوى. اهـ.
ووقت نية صوم رمضان تكون في أي جزء من أجزاء الليل، من بعد غروب الشمس إلى طلوع الفجر، ولو كنت نائما قبل ذلك أو بعده، وتكفي نية واحدة لصيام الشهر كله عند المالكية، ومن وافقهم.
قال ابن عاشر المالكي في المرشد المعين:
"ونية تكفي لما تتابعُهْ * يجب، إلا إن نفاه مانعهْ"
وذهب الجمهور إلى أنه لا بد لكل يوم من نية مستقلة.
وراجع في ذلك فتوانا رقم: 14300: بعنوان: هل تكفي نية واحدة من أول الشهر؟
وفي خصوص قولك: "وقد كنت أصوم بدون النية..." فهذا قد يكون مجرد تصور منك، أو وسوسة ونحو ذلك...؛ إذ ليس من المتصور أن يتكرر من الشخص فعل الصوم من غير نية.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله تعالى- في مجموع الفتاوى: فإن النية تتبع العلم، فمن علم ما يريد فعله، نواه بغير اختياره، وأما إذا لم يعلم الشيء، فيمتنع أن يقصده..... انتهى.
وقال أيضا: ومعلوم في العادة أن من كبر في الصلاة لا بد أن يقصد الصلاة، وإذا علم أنه يصلي الظهر، نوى الظهر، فمتى علم ما يريد فعله، نواه ضرورة. انتهى.
وقال الشيخ العثيمين ـ رحمه الله ـ في شرح الأربعين النووية: فيستفاد من قول النبي صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات. أنه ما من عمل إلا وله نية؛ لأن كل إنسان عاقل، مختار لا يمكن أن يعمل عملا بلا نية حتى قال بعض العلماء: لو كلفنا الله عملا بلا نية، لكان من تكليف ما لا يطاق. ويتفرع من هذه الفائدة الرد على الموسوسين الذين يعملون الأعمال عدة مرات، ثم يقول لهم الشيطان: إنكم لم تنووا، فإننا نقول لهم: لا، لا يمكن أبدا أن تعملوا عملا إلا بنية، فخففوا على أنفسكم، ودعوا هذه الوساوس. اهـ.
والله أعلم.