عنوان الفتوى : صفة السكوت ثابتة لله تعالى بضوابط الصفات المعروفة .
هل صفة السكوت ثابتة لله عزوجل للحديث (وما سكت عنه فهو عفو)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصفة السكوت صفة ثابتة لله عزوجل ، دلّ على ثبوتها السنة الصحيحة والإجماع.
أما السنة فما رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي عن أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما أحل الله في كتابه فهو الحلال ، وما حرم فهو الحرام ، وما سكت عنه فهو عفو ، فاقبلوا من الله عافيته ".
وفي حديث أبي ثعلبة عن النبي صلى الله عليه وسلم : " إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها ، وحدّ حدوداً فلا تعتدوها ، وحرم محارم فلا تنتهكوها ، وسكت عن أشياء رحمة لكم من غير نسيان فلا تسألوا عنها ".
ونقل شيخ الإسلام ابن تيمية - كما في مجموع الفتاوى 6/178 - عن شيخ الإسلام أبي إسماعيل الأنصاري الهروي - قوله بعد ذكر الفتنة الواقعة زمن الإمام ابن خزيمة :( فطار لتلك الفتنة ، ذاك الإمام أبوبكر ، فلم يزل يصيح بتشويهها ، ويصنف في ردها ، كأنه منذر جيش ، حتى دون في الدفاتر ، وتمكن في السرائر ، ولقن في الكتاتيب ، ونقش في المحاريب: أن الله متكلم إن شاء تكلم ، وإن شاء سكت ، فجزى الله ذاك الإمام ، وأولئك النفرالغر عن نصرة دينه ، وتوقير نبيه خيراً ) انتهى .
ثم قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ويقول الفقهاء في دلالة المنطوق والمسكوت ، وهو ما نطق به الشارع وهو الله ورسوله ، وما سكت عنه تارة تكون دلالة السكوت أولى بالحكم من المنطوق ، وهو مفهوم الموافقة ، وتارة تخالفه وهو مفهوم المخالفة ، وتارة تشبهه وهو القياس المحض .
فثبت بالسنة والإجماع أن الله يوصف بالسكوت ، لكن السكوت يكون تارة عن التكلم ، وتارة عن إظهار الكلام و إعلامه ) انتهى .
فالحاصل أن السكوت صفة ثابتة لله عزوجل ، على ما يليق به سبحانه : ( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ) ، ومن تكلم باختياره ومشيئته ، سكت باختياره ومشيئته.
والله أعلم .