عنوان الفتوى : حكم المسابقة في حفظ القرآن بدفع من يحفظ أقل لمن يحفظ أكثر قدرا من المال
قمنا أنا وأصدقائي بمبادرة صيفية لحفظ القرآن. ولجعل الأمر على أنه منافسة، جعلنا شروطها كالآتي: من يحفظ أقل من 10 أحزاب، فعليه أن يدفع لمن حفظ 10 أحزاب أو أكثر، مبلغا بسيط حوالي 3 دولارات. ما حكم هذه الهدية؟ وإن كانت لا تجوز هل يجوز جعلها كالآتي: من يحفظ أقل من 10 أحزاب، فعليه أن يدفع 3 دولارات للمسجد، عن كل شخص أنهى الحفظ؟ وجزاكم الله خيرا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن جمهور العلماء على أن المسابقات بعوض، لا تجوز إلا فيما ورد به النص، وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا سبق إلا في نصل، أو خف، أو حافر. أخرجه أبو داود، وابن حبان في صحيحه.
والمراد بالنصل هنا: السهم ذو النصل، وبالحافر: الفرس، وبالخف: البعير. عبر عن كل واحد منها بجزء منه يختص به. كما قال في المغني.
وخالف الحنفية فألحقوا بها العلوم الشرعية، فأجازوا المسابقة فيها بعوض. وانظر الفتوى رقم: 26712 وما أحيل عليه فيها.
لكن الحنفية متفقون مع الجمهور على أن المسابقات التي يجوز بذل العوض فيها، لا يجوز أن يكون العوض من المسبوق وحده، لأنه من القمار؛ الذي حقيقته التردد بين الغنم، والغرم، وعليه: فلا تجوز المسابقة على أن من يحفظ أقل من 10 أحزاب، فعليه أن يدفع لمن حفظ 10 أحزاب.
وأما الصورة الثانية، وهي: (من يحفظ أقل من 10 أحزاب، فعليه أن يدفع 3 دولارات للمسجد، عن كل شخص أنهى الحفظ)، فإن كان المقصود بذلك أن يدفع مبالغ بعددهم، فلا بأس بذلك، فقد سبق أن بينا -في الفتوى رقم: 35555-أننا لم نجد هذه الصورة منصوصة لأهل العلم، واستظهرنا فيها جواز هذه الصورة؛ لأن المتسابق هنا لا يتردد حاله بين الغنم والغرم، فلا تعد المسابقة قمارا.
أما إن كان المقصود أن من يحفظ أقل من 10 أحزاب يتصدق عمن أنهوا الحفظ، فيهب ثواب الصدقة لهم، فنرى ترك ذلك؛ لأن الصدقة عن الغير هي نوع غنم له؛ حيث يقي ماله، مع تحصيله ثواب الصدقة.
ونسأل الله سبحانه أن يرفعنا وإياكم بالقرآن العظيم.
والله أعلم.