عنوان الفتوى : المسابقة مقابل عوض.. الصور الجائزة والممنوعة
السلام عليكم لو أن اثنين عزما على حفظ القرآن فاشترطا أن من لم يحفظ صفحتين من كتاب الله في نهاية الأسبوع يأخذ الآخر إلى مطعم ويطعمه فهل هذا فيه صورة القمار؟ والعكس يحصل إن لم يحفظ الثاني علما بأنه عمل من باب التنافس والترغيب في حفظ كتاب الله وماذا إذا كان العوض مالاً مثل من لم يحفظ يدفع إلى الآخر عشرة دولارات فإذا كانت أشياء لا تجوز فما حكم إذا اشترطا إطعام شخص آخر ليس في التنافس والمسابقة. أفيدونا بارك الله فيكم..
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقد ذهب جماهير العلماء المالكية والشافعية والحنابلة إلى أن المسابقة في مقابل عوض لا تجوز إلا في الخيل أو الإبل أو السهام لورود الحديث بذلك. وخالفهم الحنفية فجوزوا المسابقة في العلوم الشرعية. قال ابن عابدين في رد المحتار، وهو يتكلم عن المسابقة: وكذا الحكم في المتفقهة، فإذا شرط لمن معه الصواب صح وإن شرطاه لكل على صاحبه لا. اهـ وهذا الرأي هو الذي رجحناه في فتاوى سابقة فلتراجع الفتوى رقم: 11604. وبقي الحديث هنا عن مصدر الجائزة ولمن تعطى. يقول ابن عابدين رحمه الله: وحَلَّ الجُعل إن شرط المال في المسابقة من جانب واحد، وحرم لو شرط من الجانبين؛ لأنه يصير قمارًا. اهـ فعندنا ثلاث صور: الأول: أن يكون باذل الجائزة غير المتسابقين وهذا جائز. الثانية: أن يكون باذل الجائزة أحد المتسابقين معيناً وهذا جائز. الثالثة: أن تشترط الجائزة على المسبوق وهذا هو القمار؛ لأن حقيقة القمار التردد بين الغنم والغرم، وهذا حاصل في هذه الصورة، ولذلك لا يجوز. وعليه المذاهب الأربعة. أما إذا شرط المتسابقان أن يقوم المسبوق بدفع شيء إلى شخص ثالث غير متسابق، فهذه الصورة لم نجدها منصوصة لأهل العلم، والذي يظهر لنا - والله أعلم - الجواز فيها لأنها ليست قمارًا، إذ المتسابق هنا لا يتردد حاله بين الغنم والغرم، بل هو بين احتمالين: إما أن يَسْـلَم فلا يعطي شيئًا، أو أن يعطي لهذا الأجنبي عن المسابقة، فانتفت صورة القمار. والله أعلم.