عنوان الفتوى : طلب من شخص شراء سلعة، فاشتراها ومعها هدية، وباعها له بسعر كذا وبدون الهدية
أعمل في مجال التقسيط وأتاني عميل وطلب شراء سلعة، فاشتريت له السلعة المطلوبة، وجاءت معها هدية، فاتصلت به أن السلعة موجودة بسعر كذا وكذا، ولم أذكر له الهدية، فوافق على شرائها، وهي تباع في كل المحلات دون هدية إلا المحل الذي اشتريت منه، لأنه كان عنده عرض...
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبالنسبة للسؤال الأول: فإن كنت وكيلا عن المشتري فيجب عليك ابتداء إخباره بالثمن الحقيقي، ولا يجوز لك أن تأخذ الهدية دون علمه مطلقا، جاء في المغني لابن قدامة: قال أحمد في رواية مهنا: إذا دفع إلى رجل ثوبا ليبيعه، ففعل، فوهب له المشتري منديلا، فالمنديل لصاحب الثوب، إنما قال ذلك لأن هبة المنديل سببها البيع، فكان المنديل زيادة في الثمن، والزيادة في مجلس العقد تلحق به. اهـ.
وأما إن كنت تبيع السلعة على المشتري: فالإخبار بالثمن الحقيقي ليس بواجب على البائع ابتداء إن كان البيع من باب المساومة، فلك أن تشتري السلعة مع الهدية، وتبيعه السلعة دون الهدية من غير أن تخبره بذلك، لكن إن كان البيع من بيع الأمانة ـ كبيع المرابحة ـ فيجب إخبار المشتري بالثمن الحقيقي ولا يجوز الغش والكذب فيه: جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: بيع الأمانة كالمرابحة، والمرابحة تعتبر بيع أمانة، لأن المشتري ائتمن البائع في إخباره عن الثمن الأول من غير بينة ولا استحلاف، فتجب صيانتها عن الخيانة والتهمة، لأن التحرز عن ذلك كله واجب ما أمكن، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ـ وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ليس منا من غشنا ـ وعلى ذلك، فإذا ظهرت الخيانة في بيع المرابحة ففي الجملة يكون المشتري بالخيار، إن شاء أخذ المبيع، وإن شاء رده وقيل: بحط الزيادة على أصل رأس المال ونسبتها من الربح مع إمضاء البيع. اهـ.
وفيها: ويقابل بيع الأمانة بيع المساومة، وهو البيع بالثمن الذي يتراضى عليه العاقدان من غير نظر إلى الثمن الأول الذي اشترى به البائع. اهـ.
ومن الغش المحرم: إخبار المشتري في المرابحة بثمن السلعة دون إخباره بالهدية الملحقة بها، فإن هذه الهدية في الحقيقة جزء من المبيع، ولها أثر في الثمن، جاء في الروض المربع: من أقسام الخيار: خيار في البيع بتخيير الثمن متى بان الثمن أقل أو أكثر مما أخبره به، ويثبت في أنواعه الأربعة في التولية وهو بيع برأس المال، وفي الشركة وهي بيع بعضه بقسطه من الثمن وأشركتك ينصرف إلى نصفه، وفي المرابحة وهي بيع بثمنه وربح معلوم، وإن قال: على أن أربح في كل عشرة درهما كره، وفي المواضعة وهي بيعه برأس ماله وخسران معلوم، ولا بد في جميعها ـ أي الصور الأربعة ـ من معرفة المشتري والبائع رأس المال، لأن ذلك شرط لصحة البيع، فإن فات لم يصح، وما ذكره من ثبوت الخيار في الصور الأربع تبع فيه المقنع، وهو رواية، والمذهب أنه متى بان رأس المال أقل حط الزائد، ويحط قسطه في مرابحة وينقصه في مواضعه، ولا خيار للمشتري، ولا تقبل دعوى بائع غلطا في رأس المال بلا بينة، وإن اشترى السلعة بثمن مؤجل أو اشترى ممن لا تقبل شهادته له كأبيه وابنه وزوجته، أو اشترى شيئا بأكثر من ثمنه حيلة أو محاباة لرغبة تخصه أو موسم فات، أو باع بعض الصفقة بقسطها من الثمن الذي اشتراها به ولم يبين ذلك للمشتري في تخييره بالثمن، فللمشتري الخيار بين الإمساك والرد كالتدليس. اهـ.
وكذلك في السؤال الثاني: إن كنت وكيلا عن المشتري فيجب عليك أن تخبره بالثمن الذي اشتريت به، وكذلك إن كنت بائعا وكان البيع بيع أمانة كبيع المرابحة، وأما إن كان البيع من باب المساومة، فلا يجب عليك أن تخبر المشتري بالثمن الذي اشتريت به، لكن أيضا لا يجوز لك أن تغشه في معرفة الثمن الذي اشتريت به، بل إما أن تخبره بالثمن، وإما أن تسكت عن الإخبار به، وأما إخباره بخلاف الثمن الحقيقي فهو من الغش المحرم في جميع الأحوال.
والله أعلم.